Translate

mercredi 9 octobre 2019

البيان الختامي لمؤتمر ( جبل عامل مهد السيد المسيح "


جمعية لؤلؤة الجنوب الثقافية
12 h · 
البيان الختامي لمؤتمر ( جبل عامل مهد السيد المسيح "ع" )
بعد أن أمضى المؤتمرون ولمدة 3 أيام من جلسات مؤتمر (جبل عامل مهد السيد المسيح) المنعقد في قضاء صور للفترة بين 4-6 /ت1/2019. شارك فيه (31) باحثاً من لبنان والعالم العربي، فضلاً عن الكلمات . وفي ختام المؤتمر تشكلت لجنة لوضع التوصيات وأقرت ما يلي:
1- التأكيد على رسالة لبنان الحضارية والثمينة التي لها في جبل عامل حصة كبيرة منذ فجر الحضارات.
2- امتاز هذا المؤتمر بالإضاءة التاريخية على الحضور الروحي لسائر المكونات الإجتماعية لذلك نأمل:
أ‌- تزويد المؤسسات التربوية بإصدار مطبوع عن فعاليات هذا المؤتمر.
ب‌- استكمال العمل على توجيهات هذا المؤتمر لتصبح جزءاً مهماً من التراث الوطني اللبناني.
3- التأكيد على ضرورة تضافر الجهود للإطلالة على الحلقات المفقودة من تاريخ جبل عامل منذ أقدم العصور حتى عصرنا الحاضر.
4- التأكيد على الأبعاد المقدسة لهذا الجبل من خلال ما تأكد وتوثّق ارتباطه بدعوة السيد المسيح وبشارته في أنحاء متعددة في هذا الجبل وثقتها.
5- العمل بمختلف القنوات الإعلامية والثقافية لتكريس الرواية الموثقة والمغايرة للرواية المتداولة.
6- العمل على تأسيس قناة بحثية تعنى بمراكمة النتاج المعرفي وجعله متاحاً لجميع الباحثين وتجديده باستمرار.
7- الإهتمام بموضوع المخطوطات والأرشيف على أن يكون عنواناً من عناوين مؤتمرات قادمة.
8- ضرورة تفعيل اللغة السريانية كون المؤتمر يحمل اسم السيد المسيح، كونها لغته ولغة الشعب اللبناني.
9- تشكيل لجنة لدراسة المواقع الأثرية في جبل عامل والترويج على أهمية جبل عامل في تحديد مكان ولادة السيد المسيح والأماكن التي عاش فيها لإعادة النظر في دراسة جغرافية المنطقة وإعادة كتابة التاريخ.
10- ضرورة الإستمرار في عقد هكذا مؤتمرات والتعاون بين الجمعيات والمراكز الثقافية والبلديات والجامعات من أجل إنجاحها.

محمد البندر
رئيس الجمعية ولجنة التوصيات
الأعضاء :
الدكتور محمد كوراني
الدكتور نزار الديراني
الأستاذ جوزيف خريش


صور 6-10-2019http://southlb.com/2019/10/09/519356/?fbclid=IwAR3iX-W0hoTKLDxHMl00i1tAtH50SiWhRTjBQvsZ_Jzqt3xMZCH-hJEmR_E

mercredi 2 octobre 2019

محطات على خطى المسيح في جبل عامل
جوزف ت. خريش
مؤتمر جبل عامل مهد المسيح
قانا في 4-5-6 تشرين الأول 2019


1-    في مقدمة هذه المداخلة أود أن أذكّر بما قاله لنا البابا يوحنا بولس الثاني منذ 22 سنة أثناء زيارته إلى لبنان في أيار 1997 عندما خاطب مئات الألوف (حوالي خمسمائة ألف) من اللبنانيين الذين تجمعوا حوله في ساحة الحرية من العاصمة بيروت بقوله : “ نحن هنا في المنطقة التي وطئتها منذ ألفي سنة قدما السيد المسيح “. وأضاف : “ أيها اللبنانيون واللبنانيات إن ابن الله بذاته كان اول من بشر أجدادكم. هذا امتياز عظيم.... فلا يمكننا ان ننسى أن صدى كلمات الخلاص التي نطق بها يوماً في الجليل قد بلغت باكراً إلى هنا”.(1)
2-    في غضون السنوات التي أعقبت تلك الزيارة التاريخية شهد لبنان اهتماماً  ملفتا بالسياحة الدينية ، كما حظيت مقولة " لبنان أكثر من وطن. أنه رسالة " للبابا يوحنا بولس الثاني بتداول واسع.
-      واليوم ليس أدل على الاعتراف بعالمية هذه الرسالة من تصويت الأمم المتحدة في 16 الشهر الماضي (أيلول 2019) وبشبه إجماع على قرار تأسيس  أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار في بيروت  والاعتراف ضمناً بما للبنان الرسالة من دور في وضع الشرعة العالمية لحقوق الانسان ولكونه نموذجا في الحوار بين الأديان والثقافات رغم ما يعتريه من مصائب في الأوضاع المعروفة الراهنة. (2)
-   نعم “ لبنان هوأكثر من وطن . إنه رسالة “. “ قيمة حضارية ثمانية” و” ضرورة للعالم”.(3)    
مثل هذه العبارات وردت في أكثر من رسالة حبرية فاتيكانية ، أملاها اختبار حضاري وروحي من  تاريخ  عاشه عندنا أكثر من نبي وولي ومعلم حكمة وفلسفة.
أولم يعبر عنهم جميعا الفيلسوف الرواقي زينون الصوري في القرن الرابع قبل المسيح عندما عرضت عليه المواطنية الاثينية اليونانية ولم يقبلها لأنه كان يعتبر نفسه “ مواطنا عالميا”.؟

-     كان لا بد من هذه المقدمة من أجل أن نفهم أبعاد رسالة السيد المسيح الكونية وسبب اختياره قانا صور أرضاً وتراثاً ومنبراً من أجل اعلان انجيل الفرح والمحبة والسلام إلى العالم كله.
من وحي هذه العناوين كانت انطلاقة مشروع "على خطى المسيح في جنوب لبنان" عام 2012 على يد مجموعة من محبي التراث اللبناني الذي في إطاره يشكل جبل عامل، وحرمون والباروك والأرز.... رموزاً وإطارا جغرافيا لموضوعنا. من هنا أيضاً كان السؤال : ما هي أهم المحطات التي تكوّن منها المسار العام لرحلات السيد المسيح فوق ارض لبنان؟ وما هي أهم الظروف والأهداف التي أحاطت بها ؟

-  إن معالجة هذا الموضوع الذي تناوله أكثر من مؤرخ وباحث تستند إلى نصوص بيبلية وكتابات مؤرخين وباحثين وإلى مرويات وتقاليد محلية عديدة أحاول ان اعرض بعضاً منها.

(1) راجع “ 32 ساعة تاريخ “ كتاب يوثق لزيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني إلى لبنان في 9-11/5/1997 ، تحقيق جوزف خريش عاونه الأب جان لوي لانغو. منشورات اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام – جل الديب لبنان – ص 124.
     (2)  رسالة إلى جميع اللبنانيين ، البابا يوحنا بولس الثاني الفاتيكان، أول أيار 1984 وندوة عين سعادة 20/10/1984
          (3) “رسالة إلى جميع اللبنانيين” بتاريخ 1/9/1984 ، ندوة حول رسائل قداسة البابا عن القضية اللبنانية ، حيثياتها وأبعادها الروحية والتاريخية، عين سعادة 20/10/1984 ص 12.             

-1-

         أولاً: من يارون إلى قانا:


·         بصورة عامة يلحظ معظم الباحثين أن السيد المسيح في رحلته من كفرناحوم، مركز بشارته عند شاطئ بحيرة طبريا في فلسطين وموطن أول مجموعة من رسله ، نحو" بلاد صور وصيدا" سلك طريقاً كانت تمر بعدة بلدات تمثل موطنا لأكثر من نبيّ ووليّ من وجوه العهد القديم. ومن هناك توجه إلى قانا صور وصيدا ومنها إلى المدن العشر أوالديكابول وفيها قيصرية فيليبوس (بانياس) عند سفوح جبل حرمون.
·         وُجد من بين الباحثين من ذهبت به مخيلته إلى ما هواوسع من تلك الرقعة الجغرافية.   
·          ينبغي أن نشير إلى أكثر من رحلة واحدة قام بها السيد المسيح ، لأن النصوص الانجيلية توحي بأنه  كان يتجوّل احيانا طلبا للجوء والسكينة ، لاسيما وأن في المنطقة مدناً خاصة باللجوء، وفقا لتقليد قديم يرقى إلى عهد خليفة النبي موسى يشوع بن نون (14 ق.م) .من دواعي اللجوء ينبغي ذكر محاولات التهديد والترصد التي كانت توجه إلى السيد المسيح ، من قبل السلطتين السياسية (هيرودس) والدينية (الفريسيين). الأمر الذي حمل السيد المسيح إلى أن يجيب فريقاً منهم جاء يقول له " إذهب من هنا فإن هيرودس يريد أن يقتلك. قائلا لهم: " إذهبوا وقولوا لهذا الثعلب ها أنا أخرج الشياطين وأجري الشفاء اليوم وغداً وفي اليوم الثالث أكمل" (لوقا 13/31)
·         ولما لم يكن له مكان ثابت للاقامة كان يردّد : " للثعالب أوجره ولطيور السماء أوكار اما ابن الإنسان فليس له موضع يسند إليه رأسه" (متى8/20) و(لوقا9/58)
·         المرحلة الأولى من رحلات السيد المسيح كانت داخل ما يطلق عليه اليوم جبل عامل، بلاد بشاره. فبعد أن مرّ في صفد حيث ذكرى طوبيا البار مكرّمة ثم جش موطن بولس الرسول، وفقاً للقديس جيبروم، وكفربرعم مدفن القاضي باراق والنبي عوبديا، توجه إلى قانا، انطلاقاً من المثلث الجغرافي العاملي اللبناني الحالي: يارون– رميش – عين إبل – دبل. أوعلى مسار آخر يبدأ من يارون (وادي يارون) بين مارون الراس وبنت جبيل وعين إبل ليمتد إلى قانا.
الارجح  عندنا – يقول الأب بطرس ضو– أن المسيح وتلاميذه اتجهوا إلى صور على خط مستقيم فقطعوا بلاد الجليل العليا على سكة كان الرومان اصطنعوها هناك وكان يسكن تلك الجهات الوثنيون واليهود معاً. ولذلك كان يدعى بجليل الأمم"(4)
·         على الرغم من العلاقات المتوترة التي كانت قائمة مع السلطة لم يكن هناك ما يحول دون تقاطر الجموع  بالآلاف وراء المعلم الالهي طلباً للشفاء أوالاستماع إلى تعاليمه الجديدة. أتت جموع من مختلف المناطق : الجليل، أورشليم، أدوم – عبر الأردن – سوريا – نواحي صور وصيدا وسواحلهما..( مرقس 8/3 ، متى 21/1). (5)   
·         من المثلث يارون رميش عين ابل باتجاه بنت جبيل تتفرع الطريق إلى عدة مسالك ووديان يؤدي كل منها إلى قانا ثم صور.
·      شلعبون – عيناتا – بيت ياحون – حداثا – تبنين – حاريص – كفرا.
·      من دبل – أميه – ياطر – صدّيقين – قانا حناويه ..
  
(4)  لبنان في حياة المسيح 1985 ص 262
(5)  راجع خريطة الغرد دوران – مجلة المشرق عدد 11 ص 81 -92 – 1908.   

-2-


-      إشارة هنا إلى قطعة فسيفساء كانت موجودة في أرضية كنيسة القديس كريستوف، قرب قبر حيرام نقلها ارنست رينان عام 1861 إلى متحف اللوفر في باريس، بعد أن وجد في المنطقة عدة مواقع أثرية القى عليها الضوء في كتابه " بعثة فينيقيا".(Mission ΔE PHENICIE) ومن بين هذه المواقع شلعبون، الدوير ، وغيرهما. في شلعبون عثر على مدافن وأقبية، من بينها مدفن وصفه كالتالي:

« Ce caveau parait un de ceux qui peuvent le mieux donner l’idée du tombeau de Jésus. Un des traits caractéristiques de ces trois caveaux c’est une espèce de jour de souffrance, percée près de l’entrée et destinée quand la pierre était roulée à la porte, à éclairer l’intérieur ».  (Mission de Phénicie, p.676)

-     قريباً من شلعبون في كونين، تحفظ لنا الذاكرة الشعبية ذكرى النبي دانيال.
-     يلاحظ من مجمل أسماء البلدات في هذه المنطقة أنها لا تزال تحتفظ بأسمائها القديمة الوارد بعضها في سفر يشوع  ( الفصل 19).   
-      في وقفة تأمل يمكن أن نتخيلها في جوار تبنين، عند مفرق السلطانية ( واسمها اليهودية قبل الستينات من القرن الماضي) دير انطار ، تطل أمام الناظر لوحة بانورامية جميلة تضم إلى الشرق والشمال جبلي حرمون والباروك، وغرباً مدينة صور. هناك تقليد شعبي يتخيل المسيح واقفاً عند صخرة متأملاً بأمجاد مدينة صور وبمصيرها، كما سبق للنبي حزقيال أن تأمل بها ورثاها. (حزقيال 227 – 228- 229 ). يتأمل بماضي مدينة صور من جهة وبجذوره البشرية المتحدر هومنها من جهة أخرى. جذور ترقى وفقاً لانجيل متى (1/8) إلى جدّه الأعلى العشرين يورام. وما تربطه بالتالي من علاقة  نسب بشرية (Généalogique) بملوك صور، وخاصةً من خلال شخصيتين كان لهما دور كبير في تاريخ المنطقة، هما ايزابيل وعثليه (ِAthalie بطلة مسرحية الكاتب الفرنسي الكلاسيكي  راسين ). وكلتاهما ، الأم والابنة، من السلالة المشتركة لكل من الملك العبري آخاب (850 -875) والملك الصوري إيتوبعل.
-      يعرف عن ايزابيل أنها كانت قد انتهجت في أيام عزها سياسة تميزت بالتعصب، لدين آبائها الصوريين، مما ادى إلى مصرعها على يد متطرفين (3 ملوك 17/11) بتوجيه من النبي إيليا دفاعاً عن ديانة الاله الواحد في وجه آلهة البعل. (6) 

بقيت صورة ايزابيل سلبية في ذاكرة الأجيال اللاحقة حتى إن الانجيلي يوحنا بذاته رأى فيها في كتاب الرؤيا رمزاً للفساد ( رؤيا 2/18-29).

(6) ( راجع نشيد عرس الملك آخاب والأميرة الصورية إيزابيل في( المزمور 44/11-16)
" اسمعي يا بنت وانظري وأميلي أذنك، إنسي شعبك وبيت أبيك فيصبو الملك إلى جمالك.. بنت صور اغنياء الشعب تستعطف وجهك بالهدايا، بنت الملك جميع مجدها في الداخل ولبوسها من نسائج الذهب.."
راجع : لبنان في الكتاب المقدس – غسان خلف – ص10-110-150، ملوك 16/29-34.. (3ملوك/1-30،متى1/1-17) راجع أيضاً (ملوك 16/31). لبنان في الكتاب المقدس، غسان خلف دار المنهل – 1985 ص 110-150-282-243. 

-3-


ثانياً : قانا الجليل

·     تشكل قانا الجليل محطة رئيسية على طريق يسوع داخل جليل الأمم. فهي المحطة الأولى لإعلان رسالته الكونية وظهور مجده. وذلك من خلال معجزته الأولى وتحويل الماء إلى خمر أثناء عرس كانت حاضرة فيه أمه السيدة مريم العذراء. (يوحنا 2 و4)
·     من البراهين التي يحسبها عدد من الباحثين انها داعمة للنظرية التي ترجح قانا بلدة للمعجزة أنها الوحيدة التي حملت هذا الاسم من دون انقطاع. تدعم هذه النظرية شهادات  مؤرخين كبار كان في طليعتهم مؤسس التأريخ الكنسي أوسابيوس (حوشب) القيصري (265-340 م) ومعاصره القديس جيروم (ايرونيموس 347-420م)، وسواهما من المؤرخين والباحثين عبر القرون. (فرنشيسكو سوريانو حارس الأراضي المقدسة من القرن الخامس عشر،الى معاصرين مثل  مارتينيانو رونكاليا، الأب يوسف يمين، يوسف حوراني – انطوان الخوري حرب، مي وألفرد المر – المونسينيور بولس فغالي – جمعية على خطى المسيح في جنوب لبنان – وغيرهم....
·     قانا الانجيل وتأكيد تعيين موقعها وهويتها :
"إن قانا هي واحدة وهي الآن في لبنان " . بهذه العبارة اختصر مارتينيانو رونكاليا تعيين موقع قانا وهويتها. خصوصا بعد أن اختبر قياس الفرق في المسافة بينها وبين المواقع الأخرى المنافسة لها على الهوية والموقع : كفركنا ، خربة قانا.9 إلى ذلك أثبت رونكاليا ان المسيح  زار قانا مرتين. الأولى في آذار عام 28 عند اجتراح المعجزة. والثانية في آب من السنة نفسها عندما جرى شفاء عن بعد لابن وكيل الملك وآمن  به الرسول نثنائيل الذي يعتبره البعض هونفسه برثلماوس الذي هومن قانا نفسها (يوحنا 1/45-46) لا بل عريس عرس قانا (وفقاً للقاموس البيبلي) (7) 
·     في دراسة هي قيد الطباعة للدكتور ناجي كرم من  "جمعية على خطى المسيح " يرى ان هناك حقيقة من الصعب على الباحثين المرور عليها مرور الكرام، وهي تتمثل بالشهادتين التاريخيتين الموثقتين الأقرب بالزمن إلى واقعة المعجزة في قانا الجليل على طريق صيدون الكبرى في ارض أشير عنينا بها شهادة كل من اوزيب القيصري والقديس جيروم  اللذين عاشا في المنطقة وأرّخا لأحداثها، وتركا لنا حولها دليلاً جغرافياً مفصلاً Onomasticon
·     ولكن على الرغم من جميع الأدلة المتوفرة والمثبتة لهوية قانا الانجيل اللبنانية في مختلف الحقول: تاريخ وجغرافيا وعلوم آثار وطبوغرافيا ومنها خصوصاً:
·     وجود نقوش على صخور واديها ومغارتها
·     أجران (أجاجين) تذكّر بقانا الانجيل
·     اعتبار قانا مدينة ملجأ من بين مدن أخرى في نطاق المنطقة :
" اما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب اسطفانوس (الشهيد المسيحي الأول) فاجتازوا إلى فينيقيا " كما جاء في كتاب أعمال الرسل (15/3).
على الرغم من كل  ذلك ما زالت السلطات الكنسية تتريث في اتخاذ موقف مؤيد لهوية قانا الانجيل وتعيين موقعها. وأمام هذه الصعوبة يبقى الموقف الرسمي من هذه المسألة الشائكة قيد الانتظار من أجل توفر المزيد من الأدلة، وتجنباً للوقوع في حكم ناقص اوخاطئ.
وبانتظار جلاء الحقيقة الكاملة حول هذه المسألة، يتوقع حصول المزيد من الأبحاث، (أو ربما صدور علامة من السماء!)  تتواصل المبادرات التقوية لدى المؤمنين من كل الطوائف من أجل تعزيز مكانة قانا كمقام للحج والصلاة والتلاقي بين الجميع.


(7) (على خطى المسيح في فينيقيا لبنان 2007 ، ص134).
  Dictionnaire de la Bible article Nathanaël. Vol.4 t.2 page 1484 ;Migne T.III col.659                              
يوحنا 1/45-46 ، 21/2

-4-

ثالثاً : بين صور والصرفند، إيمان الكنعانية العظيم:

النصوص الانجيلية تؤكد على ان السيد المسيح تجول في نواحي صور ومرّ في صيدا (مرقس 7/31). وهناك اكثر من تقليد ونصّ أشار إلى السيد المسيح متنقلا في ضواحي صور، مستريحاً أو شارباً من ينبوع رأس العين ، أو واقفاً فوق صخرة عند إحدى بوابات صور وهو يعلم . وقد بنيت مع الزمن كنيسة في ذلك المكان. ولكن وان يكن  لا يوجد نصّ صريح حول دخول السيد المسيح إلى صور، فذلك لا يعني أنه لم يدخلها. لأنه كما يوضح النّص الانجيلي كان  يسير أحياناً متخفياً ولا يريد أن يعلم به أحد (مرقس7/24) . ولكنّ أخباره كانت ذائعة في جميع سوريا (متى 4/24). فلا عجب اذن  ان تتقاطر إليه الجموع في سواحل صور وصيدا. كما جاء في النصوص الانجيلية : " كثير ممن حول صور وصيدا قد سمعوا بما صنع فأتوا إليه" (مرقس 3/8 ولوقا 6/17)


بين صور وصيدا كان شفاء ابنة الكنعانية، أوالسيروفينيقية، حسب تعبير مرقس والذي  لا يحدّد المكان بالضبط  . (مرقس7/24-30 ، متى 15/21- 28)(8) 

أعجب المسيح  بإيمان هذه المرأة  وامتدحها بقوله لها : " ما أعظم ايمانك ايتها المرأة. فليكن لك ما تريدين " (مرقس7/28).
وقد جاء حول هذه الواقعة في إحدى الكتابات المسيحية الأولى المعروفة بالميامر الكليمانتينية من القرن الثالث ان تلك المرأة كان اسمها يوستا واسم ابنتها بيرينيق (Bérénice).
فاذا كانت ترجمة يوستا إلى العربية تعني عادلة أوعدلاء، وفي الكنعانية " عدلون ". فهل يحق لنا أن نستنتج بأن مكان الشفاء كان بلدة عدلون الحالية؟ هذا مجرد سؤال.

 رابعاً - في الصرفند: في طريقه من صور إلى صيدا مرّ السيد المسيح ب " صارفة صيدا" أي مصهر الزجاج:

قبل أن يمر بها أتى على ذكرها في مناسبة سابقة، معربًا عن إعجابه بإيمان أهلها، كما فعل تجاه المرأة الكنعانية،  وأعرب عن إعجابه بإيمان أهل صور وصيدا، بقوله: إن صور وصيدا تكون لهما حالة أكثر احتمالاً يوم الدين (لوقا 13/10-14) مقارنة بحال بعض المدن اليهودية التي كانت قد عاينت الآيات وسمعتها ولكنها لم تؤمن.
وفي مناسبة أخرى حيث كان يسوع في الناصرة يلقي عظه أشاد بايمان أهل صارفة صيدا بقوله :
" أرامل كثيرات كنّا في اسرائيل في أيام ايليا ولم يرسل إلى واحدة منهن إلا إلى صارفة صيدا، إلى امرأة أرملة" (لوقا 4/24-28) كان النبي ايليا - قبل مئات السنين من ذلك - قد أقام ابنها من الموت بعد أن استقبلته ضيفاً لاجئاً في بيتها (3 ملوك 8/17-24) . 
هذه الحادثة حفظتها الذاكرة المسيحية والاسلامية على حد سواء ،مخلدة اياها  من خلال بناء كنيسة ثم مقام ديني تحت اسم الخضر لا يزال قائماً. وذلك  تكريما  لذكرى ذلك الضيف. والمقام، كما هومعلوم، عبارة عن مزار يقصده الحجاج من مختلف الاديان والمذاهب.

(8) (لبنان في حياة المسيح ، بطرس ضو، 1980 ص264).  

-5-

خامساً في صيدا ومغدوشة :


بين الانتظار والعبور إلى التّجلي فوق جبل حرمون.

النص الانجيلي صريح في ما يتعلق بمرور السيد المسيح في صيدا. نقرأ في انجيل مرقس (7/31) وانجيل متى (15/21-29): " ثم خرج من تخوم صور ومرّ في صيدا". يقابله نص صريح آخر تُذكر فيه زيارة القديس بولس إلى صيدا، حيث جاء في كتاب أعمال الرسل :
" وأقبلنا إلى صيدا فعامل يوليوس (الضابط الروماني) بولس بالرفق واذن له أن يذهب إلى أصدقائه ليحصل منهم على عناية "( اعمال الرسل 27/1-4).
كما سبق لبولس أن أقام في صور مدة أسبوع وفقاً لما جاء في كتاب أعمال الرسل أيضاً : (أعمال الرسل 17/21).
وفي روايات الحجاج العائدة إلى القرون الأولى ورد ان القديسة ميلاني، من أواسط القرن الرابع (343-410) زارت صيدا وشاهدت بيت المرأة الكنعانية التي شفى السيد المسيح ابنتها، وقد تحول مع الزمن إلى كنيسة مكرّسة على اسم القديس فوقا من القرن الرابع (303). (9) 

على مدى مختلف الحقب التاريخية تناقل الحجاج الذكريات والمشاهدات المتعلقة بزيارة المسيح إلى صيدا. نذكر منها على سبيل المثال أن أحد الحجاج يذكر كنيسة المرأة الكنعانية في حي "الكنان"، وكانت تقع قرب ما اصبح لاحقاً كنيسة مارنقولا الصغيرة وكاتدرائية الروم الكاثوليك.

وادي بسري وثروة الأمة:

إن قول الانجيلي مرقس بتعبيره " ثم خرج من تخوم صور ومر في صيدا وجاء فيما بين تخوم المدن العشر الى بحر الجليل "  (مرقس 7-31) يمكن تفسيره جغرافيا بان السيد المسيح ورفاقه عبروا من صيدا نحو ممر إلزامي هو وادي بوسترينوس (بسري) للوصول إلى أحد منعطفات جبل لبنان شرقاً أو إلى البقاع شمالاً.
وهنا لا بد من السؤال حيال ما يجري هناك من استخفاف  بحق البيئة والتراث اللذين لا حياة لأي امة من دونهما . فكما ان الانسان لا يحيا بالخبز وحده كذلك الامم لا تحيا من دون التراث والثقافة ولاجل التراث و الثقافة ؟
مقام سيدة مغدوشة – المنطرة:

في جوار صيدا لا يمكن إغفال مقام سيدة المنطرة - مغدوشة، الذي أصبح مقاماً معترفاً به على خريطة السياحة الدينية العالمية. وهو يرتفع فوق تلة على مقربة من مدخل صيدا الجنوبي. يوحي اسمه بأن السيدة العذراء والنساء المرافقات لها كنّ بانتظار السيد المسيح هناك. كما تشير اليه كلمة " نطار " الآرامية التي تعني الانتظار ، اوالمراقبة. وهناك من يرى أن الكلمة قد تكون تحريفًا لكلمة "مونستير" Monastere، التي تعني الدير.
يرجع بعض الباحثين هذا المقام إلى القرن الرابع، أثناء زيارة قامت بها القديسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين الأول. وكان مشروعًا  للترميم والبناء من بين مشاريع أخرى إثر موجة الإضطهاد الروماني

 (9) ( لبنان في حياة المسيح، بطرس ضو ص265)

-6-

الكبير ,بالاضافة الى بناء أوإعادة بناء  كان من بينه كنيستا القيامة والمهد، وترميم كنيسة صور، وربّما أيضًا كنيسة أبيله عاصمة ولاية ابيلينه (سوق وادي بردى) في منطقة السلسلة الشرقية من جبال لبنان، والمشيّدة تكريمًا لذكرى هابيل شقيق قايين (أوقابيل) إبني آدم وحواء. ثم الحاق هذه المدينة بسوريا في الفترة التي حكمها ليسانياس الوارد ذكره في الإنجيل:
 " في السنة الخامسة عشرة من ملك القيصر طيباريوس إذ كان بيلاطس حاكم اليهودية وهيرودس أمير الربع على الجليل وفيليبوس أخوه أمير الربع على أيطورية وبلاد تراخونيتس، وليسانياس أمير الربع على أبيلينه وحنان وقيافا عظيمي الأحبار نزل وحي الله على يوحنا بن زكريا في البريّة، فجاء إلى ناحية الأردن كلها يدعو إلى معمودية التوبة"(لوقا 3/1-4)
أهمية هذا النص الإنجيلي أنه يشير إلى الاطار السياسي والديني الذي رافق بداية بشارة السيد المسيح، وتعيين مقام ديني متعلق بشهيد البشرية الأول"هابيل" الذي يمثل الصورة السابقة للمسيح على صعيد التضحية والشهادة اللّتين جاء لكي يكملهما في رسالته الجديدة. ويمكن أن يكون ذلك المقام  قد شكّل للمسيح هدفًا من أهداف تجوّله وبشارته في المناطق التي يتكوّن منها لبنان الحالي.

سادساً: من صيدا نحو حرمون، موقع التجليّ،

وإعلان الكنيسة الشّاملة على صخرة بطرس:

·   حول وجهة مسار الرحلة التي قام بها السيد المسيح بعد مغادرته أرض صيدا اقترح الباحثون أكثر من فرضيّة:
يوحي النص الإنجيلي (مرقس 7/31) بأن السيد المسيح انتقل من صيدا إلى مناطق المدن العشر، الديكابول أي المناطق التي تقع اليوم في أجزاء من شرقي لبنان ومن سوريا والأردن، وتشمل بنوع خاص منطقة جبل حرمون وعاصمتها يوم ذلك قيصرية فيليبس.
يقول الأب بطرس ضو في هذا الصدد أن "السيد المسيح اجتاز الجبل اللبناني من صيدا حتى مشغره في سهل البقاع مرورًا بجزين. واجتاز لبنان الشّرقي من سهل البقاع حتى ميسلون ودمشق". (10) 

بالنسبة لنا، أيًا كانت الأراء حول مسارات رحلة المسيح في الجنوب ولبنان الشّرقي والبقاع وغيرها من المناطق تبقى هناك محطات رئيسية لا يمكن تجاهلها:
في قيصرية فيليبس، بانياس، عند السفح الجنوبي من حرمون وقراه، وقمة جبله مسرح لأحداث أساسية:
 الإعتراف البطرسي بمسيحانية يسوع، إعلان تأسيس الكنيسة الجامعة على صخرة بطرس، أو كيفا، رئيس الرسل.

يلاحظ أن السيد المسيح قصد تلك المنطقة برفقة نخبة قليلة من تلاميذه (بطرس- يوحنا- يعقوب)، من أجل الإختلاء وكشف حقائق جوهرية في الإيمان المسيحي.
فوق جبل حرمون يبدو المكان مؤاتيًا للتأمل والصلاة والترنيم، والحوار في مواضيع جوهرية: التكوين- الأنبياء - تأسيس الكنيسة؛ ومواصلة رسالة الأنبياء.

(10)  (لبنان في حياة المسيح  ، بطرس ضو،ص 275-276)

-7-

في ذلك الجو سأل السيد المسيح التلاميذ الثلاثة : " من يقول الناس ان ابن البشر هو؟ - أجاب بطرس انت ابن الله الحي. فاجابه المعلم بعبارته المعروفة : " أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها... وسأعطيك مفاتيح ملكوت السموات"" (متى 16/18-19).
بهذه العبارة يعيّن السيد المسيح المسؤوليات التي يعهد بها الى سمعان بطرس وهي بأن يكون الأساس المتين للكنيسة ومرجعاً وراعياً  . (11)
 من القرائن التي تثبت حدوث التجلي فوق حرمون لا فوق جبل آخر (جبل طابور أوجبل الأرز) (متى 17/1-9 ومرقس 9/2-9 ؛ لوقا 9/28-36؛ 2 بطرس 1/16-18): ارتفاع الجبل، بالمقارنة مع جبل طابور ، واستبعاد جبل الأرز  نظرا إلى بعده عن مركز البشاره في طبريا.
بيئة جبل حرمون وقربها من السيد المسيح :
·         بقي جبل حرمون حتى القرن الرابع حافلًا بالهياكل الوثنية والمجاورة لأماكن عبادة مسيحية.
منها على سبيل المثال رسالة بعث بها القديس جيروم إلى راهبات يقمن في حرمون، وفيها يطلب منهنّ الصلاة لأجله.
·         في المناطق اللبنانية الحالية المحيطة بسفح الجبل ومنها على سبيل المثال كوكبا وراشيا، اصبح يوجد هناك تقليد سنوي يتضمن مسيرة في مناسبة عيد التجلي في 6 آب، كما لا يزال يوجد هناك معالم و بعض التقاليد التي تشير إلى علاقة قرابة مع السيد المسيح والأجيال المسيحية الأولى .
·         أكتفي بالإشارة منها إلى نقطتين:

·         يذكر بعض الباحثين شهادة تعود إلى يوليوس الأفريقي من كتّاب القرن الثاني يشير فيها إلى وجود أقرباء للسيد المسيح في منطقة كوكبا.كما يروي أوزيب القيصري مؤلف كتاب تاريخ الكنيسة، من القرن الرابع، أنه لما كان مقيماً في مدينة بانياس الواقعة عند سفح جبل حرمون رأى في بيت - قيل له أنه يعود إلى المرأة النازفة التي شفاها السيد المسيح (متى5/25-34، ولوقا 8/42-48) - تمثالين من النحاس يمثّل أحدهما السيد المسيح، وعلى مقربة منه تمثال اخر  يمثل امرأة جاثيّة أمامه ويداها مبسوطتان كأنّها تصلّي. وقد أقيم التمثال الأول على حجر مرتفع بباب بيتها. و"تجاه هذا تمثال من نفس المادة لرجل أنيق مرتد عبادةً أنيقة مادّاً يده نحوالمرأة...ويقولون أن هذا النصب تمثال ليسوع وقد بقي إلى يومنا هذا، حتى إننا نحن أنفسنا أيضًا رأيناه عندما كنّا مقيمين في المدينة، أي بانياس "، حسب تعبيره. (12)
سابعاً: على طريق الآباء الأولين- موطن أقرباء يسوع وأحباء الله.

·         يرى باحثون أن رحلة السيد المسيح في ربوع لبنان، يمكن أن تكون قد شملت أيضًا مناطق أوسع من تلك التي أتينا على ذكرها أعلاه. خصوصًا إذا افترضنا أن من بين أهداف تلك الرحلات كانت زيارة مقامات الأنبياء والأولياء السابقين، الذين تحفل بأسمائهم مواقع عديدة في سفوح جبل حرمون وسهل البقاع .
وزيارة تلك المنطقة  لو جرت لكانت بالفعل تأكيدا على تواصل رسالة الرسل والانبياء السابقين – لا سيما و أن والسيد المسيح هو  القائل:
"لا تظنّوا أني جئت لأنقض الناموس أوالأنبياء، ما جئت لانقض بل لأكمّل" (متى 5/17

(11)   حول دور بطرس ورسالته، في ضوء زيارة قداسة البابا إلى لبنان، راجع: "البابا ولبنان"، عناصر حوار 23، 1998 غريغوار حداد، صفحة 25-35.
(12)  (راجع: تاريخ الكنيسة، أوسابيوس القيصري، ترجمة القمص مرقص داود، القاهرة، 1960 ص 364-365)
-8-
  بمثابة خاتمة :أحبّاء الله المقيمون عند العيون في جبل لبنان.

ختاماً وتأكيداً على الطابع المسكوني التعدّدي بين الأديان في كل من جبل عامل وسهل البقاع، أريد أن أختم بمشهد من التقليد الإسلامي أستقيه من كتاب إحياء علوم الدين للفقيه والفيلسوف ابي حامد الغزالي، لأعود فأضيء على ما ذكرته في المقدّمة حول رسالة لبنان الحضارية.

·         في باب المحبة من الكتاب المشار إليه نصّ يذكر فيه الكاتب أن النبيّ داود يطلب من الله تعالى أن يريه "أهل محبته " فيجيبه تعالى :
·         " يا داود إئت جبل لبنان. فإن فيه أربعة عشر نفساً فيهم شبّان وفيهم شيوخ وفيهم كهول. إذا أتيتهم فأقرئهم منّي السلام وقل لهم : إن ربّكم يقرئكم السلام ويقول لكم ألا تسألون حاجة؟ فإنكم أحبائي وأصفيائي وأوليائي. أفرح لفرحكم وأسارع إلى محبّتكم". يتابع النص ليقول : " فأتاهم داود عليه السلام فوجدهم عند عين من العيون يتفكرون في عظمة الله عزّ وجلّ... فجرت الدموع على خدودهم".
ثم على لسان كل واحد من هؤلاء الشيوخ اللبنانيين الاربعة عشر يضع ابوحامد الغزالي عبارة واحدة يعرب فيها عن حاجته.  
·         تتلخص اجاباتهم بقول احدهم: " لا حاجة لنا في شيء من أمورنا. فأدم لنا لزوم الطريق اليك..."
·         وبعد أن سمع الله الى إجابة كل من هؤلاء الشيوخ يوحي إلى داود ليقول:
" قد سمعت كلامكم وأجبتكم إلى ما أحببتم. فليفارق كل واحد منكم صاحبه، وليتخذ لنفسه سربًا، فإني كاشف الحجاب فيما بيني وبينكم حتى تنظروا إلى نوري وجلالي".
·         وفي نهاية الحوار يسأل داود: " يا ربّ بم نالوا هذا منك".
 قال:" بحسن الظن والكف عن الدنيا وأهلها والخلوات بي ومناجاتهم لي، وإن هذا منزل لا يناله إلا من رفض الدنيا وأهلها واختارني على جميع خلقي فمنذ ذلك أعطف عليه...وأريه كرامتي كل ساعة وأقرّبه من نور وجهي. إن مرض مرضته كما تمرض الوالدة الحنون الشفيقة ولدها...إذا سمع بذكري أباهي به ملائكتي وأهل سمواتي"...
ويختم بالقول: "يا داود لأقعدنّه في الفردوس ولأشفينّ صدره من النظر إليّ حتى يرضى وفوق الرضا".
من كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي. عن موقع إلكتروني :



من خلال هذه الرؤية واللمحة التاريخية اللتين حاولت أن أقدّم في هذه المداخلة، أردت أن اختم بالتمنّي , وبمعيّة الأصدقاء والمعدّين لهذا المؤتمر والمشاركين فيه ، من اجل الاستمرار  برفد التراث الوطني
الثقافي والروحي العام بما يتطلب ، مردّدين مع الجليلي بطرس، شمعون الصفا، الملقّب بالصخرة – كيفا:

"يا ربّ يطيب لنا ان نقيم ههنا ". (متى 4/17)

-9-