عن إنجاز بلدية يؤرخ له
ما أنجزته بلدية عين ابل اكبر بكثير من حصولها على نسخة طبق الاصل عن القطعة الاثرية المسروقة. فهي اقرت اولاً بأن ملكيتها لقطعة اثرية تتخطى مرور الزمن، فلم تعترف بمرور اكثر من 100 سنة على السرقة، بل طالبت بما هو لها. كذلك لم تعترف بالقوانين العالمية التي «ترخص» لأكبر متاحف العالم امتلاكها لقطع مسروقة منذ عقود. بل طالبت بالمنحوتة، وأنجزت كل الاوراق الرسمية لتثبت أن القطعة التي سرقت من ارضها قبل 150 لا تزال ملكاً لها.
وقد فاوضت البلدية مباشرة، ومن دون تدخل وزارة الثقافة او المديرية العامة للآثار، احد اكبر متاحف العالم، وأكدت له عدم شرعية ملكيته للقطعة. ولما لم يعد بيد المتحف حيلة، قرر أن يستعين بالقانون الفرنسي ويرضي البلدية بنسخة طبق الاصل. لن يعطي اللوفر عين ابل او لبنان اي تحفة اثرية يحتفظ بها منذ عقود، كما أنه لن يعطي اي دولة او بلدة في العالم قطعة مما يعدها مجموعته، وبالطبع سيختبئ وراء القانون الفرنسي الذي صاغه اللوفر ليحمي نفسه. فلو كان يسمح له بإعادة القطع حينما تطالب بها الدول لباتت قاعاته خالية. إذ إن آثار اللوفر مسروقة الى حد كبير. فهذا المتحف أنشئ على اثر «الهبات» التي كان يرسلها اليه المؤرخون الفرنسيون الذين يجولون العالم بحثاً عن حجارة لطالما عدّها السكان ذات أهمية غير كبيرة، وكانت جيوبهم مليئة بالقطع الذهبية الرنانة في قرى وبلدات لم تكن تعرف الذهب إلا في الاحلام.
لكن عين أبل خطت مشواراً طويلاً على طريق التطور الفكري. فأحفاد البنائين الذين قطعوا المنحوتة لإرنست رينان هم من عملوا اليوم وجهدوا لاستردادها من احد أكبر متاحف العالم. والحصول على نسخة طبق الاصل من متحف اللوفر هو انتصار بحد ذاته. فاللوفر اعترف علناً بأن ملكية القطعة ليست له! لكنه بالطبع لن يعطي البلدية اكثر من نسخة عن المنحوتة الفريدة من نوعها. ويبقى الانتظار اليوم لمعرفة مشاريع البلدية للاهتمام بالموقع الاثري الذي سرقت منها القطعة. إذ يفترض تنظيف المعبد وتأهيله لوضع المنحوتة بالقرب منه.
هل تبدأ باقي البلديات في لبنان بجرد القطع الأثرية التي «سرقها» ارنست رينان لمصلحة متحف اللوفر؟ فتقريباً لكل بلدة في لبنان قطعة في فرنسا، ومتحف اللوفر لا يعرضها كلها لكنه يحتفظ فيها بمخازنه المليئة بالتحف الاثرية المشرقية. من صيدا آلاف القطع غير المعروضة، ومن جرد جبيل والبترون الكثير الكثير. فهل ستعاد قراءة كتاب ارنست رينان بهدف البحث عن الارث الضائع واسترداده لتتحول هباته الى اللوفر الى لعنة تستفيق بعد 150 سنة. لعنة تعلّم شعوب العالم أن الحق لا يموت والسرقة لا تشرع!
وقد فاوضت البلدية مباشرة، ومن دون تدخل وزارة الثقافة او المديرية العامة للآثار، احد اكبر متاحف العالم، وأكدت له عدم شرعية ملكيته للقطعة. ولما لم يعد بيد المتحف حيلة، قرر أن يستعين بالقانون الفرنسي ويرضي البلدية بنسخة طبق الاصل. لن يعطي اللوفر عين ابل او لبنان اي تحفة اثرية يحتفظ بها منذ عقود، كما أنه لن يعطي اي دولة او بلدة في العالم قطعة مما يعدها مجموعته، وبالطبع سيختبئ وراء القانون الفرنسي الذي صاغه اللوفر ليحمي نفسه. فلو كان يسمح له بإعادة القطع حينما تطالب بها الدول لباتت قاعاته خالية. إذ إن آثار اللوفر مسروقة الى حد كبير. فهذا المتحف أنشئ على اثر «الهبات» التي كان يرسلها اليه المؤرخون الفرنسيون الذين يجولون العالم بحثاً عن حجارة لطالما عدّها السكان ذات أهمية غير كبيرة، وكانت جيوبهم مليئة بالقطع الذهبية الرنانة في قرى وبلدات لم تكن تعرف الذهب إلا في الاحلام.
لكن عين أبل خطت مشواراً طويلاً على طريق التطور الفكري. فأحفاد البنائين الذين قطعوا المنحوتة لإرنست رينان هم من عملوا اليوم وجهدوا لاستردادها من احد أكبر متاحف العالم. والحصول على نسخة طبق الاصل من متحف اللوفر هو انتصار بحد ذاته. فاللوفر اعترف علناً بأن ملكية القطعة ليست له! لكنه بالطبع لن يعطي البلدية اكثر من نسخة عن المنحوتة الفريدة من نوعها. ويبقى الانتظار اليوم لمعرفة مشاريع البلدية للاهتمام بالموقع الاثري الذي سرقت منها القطعة. إذ يفترض تنظيف المعبد وتأهيله لوضع المنحوتة بالقرب منه.
هل تبدأ باقي البلديات في لبنان بجرد القطع الأثرية التي «سرقها» ارنست رينان لمصلحة متحف اللوفر؟ فتقريباً لكل بلدة في لبنان قطعة في فرنسا، ومتحف اللوفر لا يعرضها كلها لكنه يحتفظ فيها بمخازنه المليئة بالتحف الاثرية المشرقية. من صيدا آلاف القطع غير المعروضة، ومن جرد جبيل والبترون الكثير الكثير. فهل ستعاد قراءة كتاب ارنست رينان بهدف البحث عن الارث الضائع واسترداده لتتحول هباته الى اللوفر الى لعنة تستفيق بعد 150 سنة. لعنة تعلّم شعوب العالم أن الحق لا يموت والسرقة لا تشرع!
العدد ١٥٦٥ الجمعة ١٨ تشرين الثاني ٢٠١١
تراث وآثار
شكر لجريدة الاخبار على اهتمامها بتحفة عين إبل الاثرية
وبالمناسبة نود تذكير مواطنينا اللبنانيين أن ما قام به بعض مثقفي عين إبل ومحبّبي تراثها ، بالتعاون مع رئيس بلديتها وأعضاء اللجنة الثقافية فيها، أنما هو فعل تحدّ من أجل المطالبة بالحقوق المشروعة للوطن الصغير لبنان.ليس على صعيد التراث وحسب بل على كل صعيد. إن نجاحنا في انتزاع جزء من حقنا القابع في صالات متحف اللوفر وغيره من متاحف وقصور البلدان التي استعمرت لبنان أو أقامت في ربوعه احتلالا وقسرا عن ارادة بنيه في زمن من الأزمان ، انما هو حافز ومشجع للجميع من أجل المضي في استرجاع الكثير من الكنوز المبعثرة بين باريس واسطنبول ولندن واسرائيل وغيرها.وألاهم من ذلك أيضا أن يوقف إهدار ما تبقى من تراثنا فوق معظم الاراضي اللبنانية ولا سيما في الجنوب حيث توجد اثار ثمينة بين عين إبل وقانا وصور وصيدا والصرفند، وعلى طول طريق القلاع الممتدة بين أم العواميد والاسكندرون جنوبا الى دير كيفا وتبنين ودوبيه والشقيف وجبل الريحان ، امتداد الى حاصبيا وجزين وسواهما في سفوح واعالي جبل حرمون.نأمل أن يعطى هذا التراث حقه من الاهتمام، لأنه يحتوي على جزء ثمين من ذاكرة الحضارة العالمية.عين إبل خطت خطوة يسيرة، أما الباقي فهو كثير..
عين ابل تفاوض اللوفر وتستعيد نسخة عن تحفتها
ويوضح رئيس البلدية فاروق بركات ذياب أن رينان اكتشف أثناء جولته في عين ابل «صخرة كبيرة تعود الى العصر الروماني منحوت عليها صورة الالهين أبوبلون المعروف ببعل، وديانا أرتميست المعروفة بديانا، مع سهمين وثورين تتوسطهما شجرة نخيل، فعمد الى قصّ الصخرة ونقلها معه الى باريس». وكتب رينان في الصفحة 676 من دراسته عن معبد الدوير أن «حجارة المعبد ضخمة. بين الانقاض حجر كبير شبه مربع وتبرز على إحدى جهاته منحوتة غريبة مع كتابة. عرض علي البناؤون المسيحيون في قرية عين ابل قبل ان يفصلوا الواجهة المنحوتة في الصخر لكي تصبح رفيعة مما يسمح بنقلها على جمل حتى صور. وبالفعل اتموا هاتين المهمتين الصعبتين بكثير من الجدارة، وباتت المنحوتة الآن في اللوفر، وأعتقد أنها اغرب العيّنات عن طقوس العبادة السورية. ويمكن قراءة الكتابة عليها بصعوبة، وترجمتها هي: شيد هذا المبنى لراحة سلمان وهريقليت».
وأوضح دياب أن «أحد أبناء بلدة عين ابل اكتشف حقيقة فقدان الصخرة بعدما قرأ هذا النص في كتاب رينان وأطلع البلدية عليه، فبدأت عملية البحث عن المنحوتة بالاستعانة بأحد أبناء البلدة يوسف خريش الذي يعمل في المركز الكاثوليكي للاعلام، وقد استعان بدوره بابن عمه يوسف خليل خريش الموجود في فرنسا. وتبيّن لنا أن الصخرة موجودة في متحف اللوفر في باريس، وعمدنا الى توثيق الأدلّة التي تثبت ملكية الصخرة لعين ابل، واستمرت المفاوضات مع إدارة المتحف منذ العام 2003، الى أن أقرّ المعنيون هناك بمشروعية ادعاء بلدية عين ابل بملكية المنحوتة الرومانية، لكنها بينت أن القانون الفرنسي لا يسمح باسترداد أي قطعة أثرية مضى على وجودها في فرنسا أكثر من 70 عاماً، لذلك قرّرت الادارة نحت مجسّم شبيه (طبق الأصل) عن الصخرة المسروقة، وإرسالها الينا».
وقد تسلّم رئيس البلدية اللوحة الصخرية عبر ماري كلودين بيطار من مؤسسة «بروموريون» في 24 الشهر الماضي، أي بعد أكثر من 151 سنة من سرقة اللوحة الأصلية، وبعد نحو 9 سنوات من المفاوضات مع المتحف الباريسي. وقد عمدت البلدية الى ايداع اللوحة في قاعة البلدية تمهيداً لنقلها الى مكان لائق في البلدة بعد الاستعانة بمهندسين متخصصين. وقد عبّر ابناء البلدة عن سعادتهم بإنجاز البلدية الذي يعدّ انجازاً تاريخياً يحتذى من جميع البلديات لاستعادة آثارها المسروقة.
يذكر أن الصخرة المسروقة كانت في محلّة الدوير في عين ابل، وهي منطقة أثرية نُهبت على مراحل عدة، منذ حكم جمال باشا الجزار وحتى الاحتلال الاسرائيلي. علماً أن منطقة بنت جبيل غنية بالآثارات التي يعود بعضها الى أيام الكنعانيين، وقد تعرّضت أثناء الاحتلال الاسرائيلي لعمليات سرقة منظمة، فنبش الكثير من الأماكن الأثرية ونُهبت كميات كبيرة من النواويس والتحف الأثرية، وبعضها من الذهب الخالص، بحسب العديد من أبناء المنطقة، وبيعت الى جهات مجهولة.