ان مجموعة القرى والبلدات التي تقع عند أقصى الحدود الجنوبية اللبنانية الحالية والفاصلة بين لبنان وفلسطين المحتلة ( اسرائيل) تشكل بوابة العبور التي كان يسلكها السيد المسيح آتيا في زمانه من الجليل الأدنى الى الجليل الأعلى حيث كانت تقيم مجموعة من الشعوب ذات الأعراق والأديان المختلفة. لذلك كان يدعى بجليل الأمم.
- على جانبي الحدود الحالية الجنوبية الشرقية للبنان وفلسطين المحتلة (الدولة العبرية) تقع مجموعة من البلدات التي يتعايش فيها سكان من مختلف الطوائف والاديان في ما يشبه " لبنان مصغّرا" بتنوع طوائفه . من بينها في الجانب العبري: الجش وكفر برعم مسقط رأس عائلتي مار بطرس وبولس وفقا لبعض المراجع التاريخية. وفي الجانب اللبناني : مارون الرأس ويارون ورميش وعين ابل ودبل والقوزح وعيتا الشعب وغيرها.
١- يارون قرية يقيم فيها مسيحيون من الروم الكاثوليك والشيعة. فيها كنيسة على اسم القديس جوارجيوس. ورد ذكرها في سفر يشوع من الكتاب المقدس تحت اسم يرأون ( سفر يشوع ٣٨/ ١٩) .وهو اسم يعني المكان المرتفع والمطل. وهو على مقربة من بلدة مارون الرأس التي ينطبق عليها بحق هذا الوصف ، في المحاذاة المباشرة مع الحدود الدولية والمطلة مباشرة على بحيرة الحولة. فيها كنيسة على اسم مار جرجس.
٢ - الى الجنوب الغربي منها تقع بلدة رميش، واسمها مشتق من اللفظة الارامية " رمشو" التي تعني المساء،او غروب الشمس. ولعله تحريف لاسم الالهة ارتميس ، أي عشتاروت، لا سيما وأن هناك تلة قريبة منها تقع في خراج عين ابل باسم "شرتا" والذي يشير الى اسم الالهة الكنعانية .في رميش كنيسة مكرسة على اسم القديس جوارجيوس وأخرى تعرف باسم كنيسة التجلّي. وفي جوار رميش خرب ومواقع أثرية من بينها قلعة صليبية تعرف باسم "قطمون" وكر سيفا وغيرهما.
٣- عين ابل: تقع بين رميش ويارون وعلى مسافة ١٣٠ كيلو مترا من بيروت . هي أكبر البلدات المسيحية الواقعة على الحدود الجنوبية اللبنانية. فيها خمس كنائس : كنيستان على اسم السيدة مريم العذراء ، كنيسة ودير على اسم القديس يوسف، كنيستان على اسم القديس جوارجيوس ، الى كابلا حديثة العهد تم بناؤها فوق تلة الدوير التي كانت تحتضن اثار معبد كنعاني فينيقي باسم" ابولون".
ولعل هذا الاسم هو في أساس تسمية عين ابل ، عين ابولون. وهو معنى من جملة معان مقترحة الى جانب تفسيرات اخرى ترتقي الى جذور بيبلية ( قايين وآبيل) أو كنعانية وعربية، بحيث تعني السقي، ومطر السماء ، ماء بعل ، أو معاني أخرى مثل : الجمل ،الراهب ،وغيرها من المعاني.
- في عين أبل تلة تعرف باسم "شلعبون" او "شعلبيم" ورد ذكرها على الأرجح في الكتاب المقدس في سفر يشوع بن نون الفصل ١٩ تحت اسم "شعلبيم" . فيها اكتشف الباحث الفرنسي أرنست رينان مدفنا قال عنه في كتابه "بعثة فينيقيا" أن هندسته تشبه إلى حد كبير هندسة قبر السيد المسيح.
"Ce caveau paraît un de ceux qui peuvent le mieux donner l'idée du tombeau de Jésus.Un des traits caractéristiques de ces trois caveaux, c'est une espèce de jour de souffrance, percé près de l'entrée et destiné, quand la pierre était roulée à la porte, à éclairer l'intérieur."
Cf: P.676 MISSION DE PHENICIE .
حاليا يجري في عين أبل بناء برج من بين اعلى الابراج المكرسة على اسم السيدة العذراء فوق تلة من التلال الواقعة في جنوب لبنان تحت اسم " أم النور" عند المدخل الشمالي للبلدة . من مميزاته انه يمكن للواقف عند اعلاه رؤية جبل حرمون حيث قال السيد المسيح لبطرس : انت الصخرة....، ورؤية قانا حيث بارك العرس، كما بأمكان الزائر أن يرى مشارف الناصرة وضفاف بحيرة طبريا حيث قال السيد المسيح لتلاميذه: "ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا . فألقوا ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك" (يو 21: 6).
٤- دبل : ورد هذا الاسم في سفر النبي حزقيال بمعنى التين المجفف: " وأصيّر الارض مقفرة وخربة من القفر الى دبلة في كل مساكنهم فيعلمون اني انا الرب" (حزقيال ٦: ١٤). فيها اثار تعود إلى العهد القديم تعرف بمغارة أو قلعة حازور أو حاصور. في البلدة كنيستان على اسم القديس جوارجيوس ومقام حديث على اسم السيدة العذراء .
٥- القوزح : تشير التسمية الى قوس القزح . مع ما لهذا التعبير من معان عديدة في الكتاب المقدس والأساطير الوثنية. فيها كنيسة على اسم القديس يوسف .وفي خراجها تم حديثا بناء صومعة تقيم فيها راهبة فرنسية اختارت أرض جنوبي لبنان المقدسة لتقدم فوقها شهادتها في النسك والعبادة.
٦- عيتا الشعب : قرية تقع على الطريق بيت رميش وعلما الشعب - الناقورة. كان سكانها مسيحيين في أواخر القرن التاسع عشر قبل ان يهاجروا منها الى مدينة صور لأسباب أمنية ، حاملين معهم أيقونة السيدة العذراء. وفي عيتا الشعب لا تزال توجد في أيامنا قطعة ارض باسم "أرض السيدة " محفوظة من قبل سكان البلدة الحاليين اكراما لها. وفي العام ١٩٥٤ عندما نظمت رابطة الاخويات مشروع التجوال بتمثال سيدة لبنان فوق معظم المناطق اللبنانية الحّ سكان عيتا الشعب عندما مر التمثال في بلدتهم على حمله ورفعه فوق أكتافهم اسوة بجيرانهم المسيحيين .
تبقى أرض جنوب لبنان،كما سميت "بلاد بشاره" في حقبة من التاريخ الوسيط او كما سميت قبله ب"جبل عامل" بالنسبة لقبيلة عربية مسيحية نزحت من الجزيرة العربية ، تبقى شاهدة على ديمومة الرسالة المسيحية في لبنان والعالم . وهي رسالة المسيح "ابن الانسان" .انها رسالة "الوحدة في التنوع "، ورسالة لخير :الانسان كل الانسان وكل الناس". وفقا لتعبير الكنيسة الجامعة.
بقلم جوزف خريش.