Translate

vendredi 28 novembre 2008

liban, PATRIMOINE ET PERENNITE





لبنــان تراثــاً وأزلاً
بقلم الفيلسوف الراحل الدكتور شارل مالك

بحثي في الشؤون الخطيرة دائماً بحثّ كياني. هذا الضرب من البحث يضع الانسان الموجود بالفعل، المصارع الحياة والموت، في مركز النظر لبنــان . البحث الكياني لا يحوم حول الموضوع، ولا يتهرّب منه الى أطرافه وهوامشه. انما يرسو فوراً على الموضوع الموضوع، الذي هو في كلّ شيء الانسان الحيّ المائت. اذ لا قيمة ولا معنى لأيّ شيء الاّ بالمركز الذي يحتلّه، وبالوظيفة التي يشغلها، في كيان الانسان. فانا أرى الانسان الموجود الحيّ، وبالتالي الانسان المائت، وراء كلّ شيء.

بالنسبة لبحث لبنان كيانياً، فهو يتناول لبنان كياناً ومصيراً، كما يتناول لبنان تراثاً وأزلاً. ولقد سبق أن عالجت موضوع لبنان كياناً ومصيراً في السابق، وأنا الآن أبحث في لبنان تراثاً وأزلاً.

ولدى بحث لبنان كياناً ومصيراً، حددت أولاً، خصائص كيانه، وما يتألف منه،
وعينّت الأعمدة العشرة لهذا الكيان : 1- 
1-هذا الجبل الفريد،
2- القرية اللبنانية الفذّة،
3- مركز لبنان السياحي المميّز،
 4- تجارته العالمية الفريدة،
5 - ظاهرة الاغتراب اللبناني بكل ما تعنيه تاريخياً وكيانياً،
6- التواجد المسيحي الاسلامي السمح الرائع،
7 - الحرية الشخصية الكيانية المسؤولة،
8- الانفتاح على العالم في بعدي الزمان والمكان،
9- معنى لبنان الفكري المتواضع في الشرق الأوسط وفي العالم،
10- اسهام لبنان في المعترك الدولي، على محدوديّته وتواضعه.

وقد حددت القيم الأساسية الأخيرة، ثانياً، وهي القيم التي لا مصير للبنان الاّ بوجودها حيّة فاعلة فيه، وعينّت هذه القيم على أنها قيم ستّ :
1- الحقيقة، 
2- العقل، 
3-الانسان،
4-الحرية، 
5-المحبة، 
6-الله.

أما بحثي الآن فينحصر في لبنان تراثاً وأزلاً، أي انه يتعلق بالتراث اللبناني، وما يتألّف منه، وما يفترضه، وما يعنيه، وهل ثمة نظرة أزلية للبنان، ينبع منها ويؤول اليها كيانه ومصيره وتراثه معاً. الاّ أن الأبحاث الأربعة، في الكيان، والمصير، والتراث، والأزل، تتداخل وتتكامل فيما بينها، حتى اذا وفينا هذه الأبحاث حقها، غايةً ومادة، نكون قد اتممنا بحثنا الكياني في الشأن اللبناني. نكون قد عرفنا أنفسنا بالفعل.

التراث في كونه الشيء الموروث عن الجدود، يتضمن بعد الماضي في حدّ ذاته. ولكنّ التراث شيء حي، أي أن الحاضر يحياه ويحفظه، ولولا ذلك لما كان.- أما التراث الذي ينطوي على نفسه، ويقبع في ماضيه، دون أن يتطلع الى مستقبل، فلا يعرف، حتى أهلوه، أنه تراث.

الوجود الحقيقي هو المستقبل الفاعل في الحاضر والمتبنّي التراث. فمن لا مستقبل له يحيى حاضره كأنّه ميت، وليس له، بالتالي، أيّ تراث.- انّ تواصل الزمن، دون تقطّعه وتناوبه، هو المبدأ الذي انطلق منه في تحديد الأفكار والأشياء. أما المستقبل المترامي بأبعاده فهو الحاسم في أمر هذا التواصل. ولذلك فان تطلعي كلّه مستقبلي. من المستقبل استمدّ قوتي وحماستي، فالمستقبل يحيى الحاضر، ويغرف من الماضي ما يحتاج اليه. المستقبل يحسم حياة الحاضر وتراث الماضي في آن معاً.

والتراث الحيّ هو تواصل الزمن الذي يقرّره المستقبل المترامي بأبعاده، وكل ما ليس يؤتي نفعه مستقبلياً، مما عفى عليه الدهر، ليس من التراث في شيء. فالتطلّع الى الماضي وحده نوع من الموت، والعيش في الاوان الحاضر وحده عيش حيواني، لأن الحيوان فقط ليس له بعد ماض ولا بعد مستقبل. أما الانسان، فيعيش أولاً في مستقبله، وثانياً في ماضيه، وثالثاً في حاضره.
من هنا أهمية ما اسمّيه " بالمؤسسة "، التي يتجسّد فيها التراث، ويتطلع الى المستقبل. وأعني         " بالمؤسسة " نمطاً مشتركاً مستقراً من العيش والحكم والتعبير، يرمي الى هدف معين، ويتراضى عليه الناس، وينظّمون وجودهم على أساسه. الحاسم بشأن " المؤسسة " هو المشاركة، والاستقرار، والتراضي، والهدف الواحد، والتنظيم على أساس أصول وقواعد.

" المؤسسة " اذن تجسيد التراث. واذا قلت تراثاً، دون أن تقول " مؤسسة "، فأنت لا تقول شيئاً معّيناً واضحاً. ولا بدّ لك، ان كنت تبحث عن تراثك، ان تبحث أولاً عن مؤسّساته. فلا تراث على الاطلاق في الخيال أو التصّور الفردي، بل أنه يتجسد في المؤسسة الجماعية.-لذلك، فان بحثنا عن التراث اللبناني، هو بحث عن المؤسسات اللبنانية التي ينصب فيها التراث ويكون. حيث لا مؤسسة، فلا تراث، وحيث تراث، فثمّة حتماً مؤسسة.

ينتج عن هذا أن القول باحياء التراث هو القول بتعزيز المؤسسات التراثية، أن بخلق مؤسسات تراثية جديدة، لأنّ كلّ ما هو تراث يكمن في " المؤسسة " وينبع منها.- تأكيدي اذن على أمرين أساسيين :
المستقبل الذي يحسم كل شيء بشأن التراث.
والمؤسسة التي يتجسد فيها التراث، والتي لا مستقبل، أي لا وجود، للتراث الاّ في اطارها.

التراث اللبناني يتجسّد في سبع مؤسسات.

اولاها القرية اللبنانية التي تجسّد تراثاً حياً عظيماً، فهي تحتل مكانها في واصل الزمن، والتطلع الهنيء الواثق الى المستقبل. ويتألف تراث القرية من :
التعلّق الحميم بالأرض، والتراب، والشجرة، والداجن الأليف من الحيوان والأشياء، ثم
التكيّف الكياني على الطبيعة، بفصولها الأربعة، وبما يأتي به كلّ فصل من نفحات خاصة يطبع بها الوجود، وما هي عليه دورة الحياة الطبيعية هذه من بساطة وبراءة.
كذلك يتألّف تراث القرية من التقاليد العائلية الراسخة، والعادات والمآكل والمشارب المتوارثة، والصداقة الخالصة المتواصلة، واللقاءات الحلوة في المناسبات المختلفة، من اجتماعية ودينية وموسمية، والسهرات والغدوات وما تعنيه من سمر وحديث، وصفو معشر، ورفقة ووصال، والأغاني، والرقص، والشعر، والحبّ في القرية، وما ينقله الآباء والأمهات والجدود والجدّات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات الى الأبناء والحفداء، مما انتهى اليهم عن آبائهم وأجدادهم، من أشياء الحلال والحرام، ودوافع الحمد وشواهد العار. وكذلك الحكم والأمثال المتداولة النابعة من معين حياتي كثيف سحيق، وهي تنظم الحياة وتنير سبيلها باطمئنان.

القرية تعني الخلق الصامد السليم.- القرية تعني الوجود المرح الطلق المنيع.-القرية تعني الطمأنينة في الكيان.-القرية تعني الركون الى قواعد ثابتة مجرّبة في الحياة.-القرية تعني فرح الحياة العميق.
القرية اللبنانية هي اذن مجتمع تراثي عريق أصيل، في جذوره وتقاليده، وعاداته، مجتمع ثبات ورسوخ وصمود، مجتمع أخلاق، وحرية، وألفة ومحبة، وطلاقة، وتطلع، واحترام.
-أتريدون احياء التراث ؟ اذن عزّزوا القرية اللبنانية، ووطّدوا أركان العيش فيها، عندئذ نهديها الى المستقبل، مؤسسة تراث أصيل.

2- مؤسسة التراث الثانية هي الوساطة، أو أدب المعاملة. وهنا أيضاً نجد أنفسنا حيال تقليد عريق، يرجع الى ألوف السنين. فالتجارة وساطة بين المنتج والمستهلك، أياً كان الانتاج المادي الذي تتوسط بينهما لتصريفه. والتعاطي الثقافي والحضاري وساطة بين الآخذ والمعطي. وكما ان اللبناني توسّط منذ القدم، في نقل البضائع التجارية بين الشعوب، كذلك توسّط في نقل الفكر ونتاج العقل، والنظر في الأشياء والكائنات والماورائيات. وليست بيروت اليوم ذلك المركز الدولي لتبادل السلع التجارية وحسب، بل انها مركز التبادل والمعاملة في ميادين الفكر والروح، وهي النافذة التي يطلّ منه الشرق على الغرب، والغرب على الشرق. ثم ان حركة النقل والترجمة اللبنانية الرائعة من العربية واليها من لغات اوربة، هي أيضاً من ضروب الوساطة. فاللبناني عندما يكتب أو حتى عندما يتكلم، يقع فعل ترجمة في ذهنه من لغة الى أخرى، سواء أوعى ذلك أم لم يعه. أما الكيان اللبناني، فهو كيان وسيط " بين " الكيانات. انه قضاؤه، وقدره، ومصيره. وهذه " البينية " الكيانية أصبحت تراثاً يتجسّد في مؤسسات، مادية تجارية، أو فكرية ثقافية، أو حضارية روحية.

البيوت التجارية الذائعة الصيت ظاهرة وساطة، كذلك المصارف التي تعمل باقدام وبعد نظر في اطار مواثيق الشرف. حتى العقلية اللبنانية هي عقلية " بينية " وسيطة متوسّطة، أكثر انسانيةً وأعمق حضارةً من العقلية البدوية أو العقلية الزراعية، أو حتى العقلية الصناعية، لأن هذه العقليات تتفاعل مع الطبيعة من حيوان ونبات وجماد، أما كمالات العقلية " البينية " فهي في النهاية كمالات انسانية، دبلوماسية، تقوم على أدب المعاملة. فالخلق الوساطي يهدف الى اكتساب الثقة عند الآخرين، والخلوص الى اتفاق يرضى به الفريقان، وذلك عن طريق المفاوضة الكّيسة والاقناع المجرد. واذا كانت الدبلوماسية هي، كما يحدّدها علماؤها، " فن المفاوضة " ( ) ، فيمكن القول ان الفينيقيين الأوائل هم الذين أسّسوا الدبلوماسية في التاريخ، وهي مأثرة لا تقلّ أهمية عن اختراعهم للأبجدية. واعتقد أن حفداءهم اليوم هم كذلك امراء كياسة ومعاملة ودبلوماسية، ان بالمعنى الضيق للكلمة، أو بالمعنى الأوسع.

أتريدون احياء التراث ؟ اذن أرهفوا أدب الوساطة والمعاملة، وطهّروه، وارفعوه فوق كل شبهة، عندئذ نورثه الى الأجيال القادمة، مؤسسة تراث عزيز.

3 - مؤسسة التراث الثالثة هي اللغة. واللغة كنز حيّ باق تكدّست فيه تجارب الأجيال والقرون. أما اللبنانيون فقد أخذوا اللغة العربية بعد السريانية واليونانية، وقبلها الآرامية، وغيرها مما يتصدر فناء العصور القديمة، وانكبوا على احياء تراثها، فاذا " بالضاد " تكتسب ليونة شطآنهم، وترتدي حلة هذا الجبل الأخضر، فتزداد روعة وتألقاً. لن أذكر ما اشتقّه اللبنانيون في عصور النهضة المتأخرة وقبلها، من ألفاظ، وما اغنوا به اللغة العربية من تعابير، وما استكشفوا من بحارها الواسعة وابعادها الغنية المشرقة، وما حقّقوا من معاجمها، ودقّقوا من فصولها الخالدة نثراً وشعراً. لن اعدّد ما شرحوه من دواوين، وما نشروه من آثار العرب والمسلمين، وما اختزنته مكتبات أديارهم ومناسكهم من لآليء الفقه والشريعة، وحماسات الجاهلية، وصدر الاسلام، ومعلّقات، ونقائض، ورسائل ومقامات، وما عكفوا عليه من معاني الحديث النبوي والسيرة، وأخبار العرب وأيامها، وما ألفوه في المعاني، والبيان، والعروض، والأدب، والأنساب، والتاريخ. ان الكلام ليعجز عن وصف هذا العطاء خلال ما يقرب من ثمانمائة عام، وعن تحديد ما عربه اللبنانيون من روائع الفكر الأوربي، وما قدّموه للعالم من تراث هذا المشرق العربي، بالصورة البهية والحلة القشيبة، وما أحيوه من معاهد العلم، وصروح المعرفة، وصحائف الحرية والنور، في مصر والشام والعراق، وما أدخلوه على فنون الطباعة والتنضيد، وما استهلكوا من جهد في تقويم الهنات اللغوية، ومحو الرطانة التي عصفت باللغة خلال أزمنة الانحطاط. كل ذلك يصعب وصفه وتعداده، وتسمية روّاده من البستانيين الى اليازجيين، الى غيرهم من جهابذة القلم وأساتذة البيان، وأكتفي الآن في هذه العجالة بتقرير واقع، وهو ان اللغة العربية مؤسسة لبنانية يتجسد فيها التراث، وعلينا أن نحب هذه المؤسسة ونعمل على حفظها وصيانتها بكل ما نملك من وسائل.

ان ما كتبناه نثراً ونظماً وشعراً باللغة العربية قلما يجاريه، في حجمه وجودته، أي نتاج آخر في العالم العربي.- وان ما أكدناه بالبحث والدليل الاختباري من شمول هذه اللغة، واتساعها الفائق، وقدرتها على استيعاب العصر، وأي عصر آخر.
لقد جعلنا من اللغة العربية، بما فيها الاسلام، مؤسسة تراثية لبنانية. ولا عبرة بصغار بعض النفوس وتفاهة بعض العقول التي تظن أن المشكلة هي في اللغة، والمشكلة انما تكمن في ذلك الصغار وتلك التفاهة. فاللغة أكبر وأشمل وأعمق من الظنون والأباطيل والانفعالات.

اللغة تعكس تجربة الشعوب التي حملتها وحضنتها. وهي اليوم تعكس تجربة الشعب اللبناني، من روائع الفصحى الى روائع العامية، في ما تعبر به أمثالها – على ما يقول أنيس فريحة – من صور التمزّق الذي حلّ بالنفس اللبنانية عبر القرون، ومن صور الطموح الذي يدفع بالنفس اللبنانية الى أبعد الآفاق.

النفس اللبنانية المتمزقة الطامحة التي امتصّت أرفع التراثات، هي التي تكيّف اللغة وتحملها الخلق المجيد والابداع المترفع السامي، وهي في طموحها الى الأرفع والأمثل، تفتش عن كمال الاتصال بالحضارة ومواكبها الأصيلة والمستجدة. ولذلك فان النفس اللبنانية تسعى الى اعتناق لغات أخرى بالاضافة الى العربية تنهل من معينها الروحي والكياني الحي.

واستدرك هنا فأقول ان لبنان يتعقم أن هو انعزل على صعيد اللغة. أما اذا وثق وثوقاً تاماً من لغته العربية، وعانق أسمى وأرفع ما في الوجود الانساني من قيم، باتقانه لغات الحضارة الحية، وأعني بالدرجة الأولى، الفرنسية، والانكليزية، والألمانية، والروسية، فان آفاق الخلق التراثي التي تنفتح أمامه عندئذ لا حدود لها، وقد لا تنفتح لسواه.

أتريدون احياء التراث ؟ اذن، حمّلوا اللغة العربية، التي بامكانها أن تحمل كل شيء، أعمق القيم والمعاني في الوجود، وصبّوا فيها قيماً ومعاني لم توجد بعد، عندئذ نقدمها الى المستقبل، في لبنان وفي العالم العربي كله، مؤسسة تراث حضاري كريم.

4- مؤسسة التراث الرابعة هي الشخصية المذهبية السمحاء. فمع أن القرية اللبنانية تتميّز عموماً بطابع مستقلّ عن المذاهب الدينية، ومع ان الوساطة اللبنانية تتبع أصولاً وقواعد وتجسد تراثاً مستقلاً تماماً عن دعاتها وعناصرها، سواء أكانوا مسلمين أم دروزاً أم مسيحيّين، ومع أن اللغة العربية هي مؤسسة تراثية مستقلة في حدّ ذاتها، مع كل ذلك أقول، ان كلّ طائفة، سواء في القرية أو في المدينة، تحافظ على شخصيتها وتراثها الخاص، وتغار عليها كل الغيرة، في الطقوس والفرائض؛ وفي الأحوال الشخصية، والحياة العائلية، والشؤون التربوية، والعلائق الاجتماعية، في الأسماء والأزياء، أسماء الأفراد والعائلات، وأزياء رجال الدين، وحتى في الكتب المدرسية، وأساليب التعليم، وحياة المجتمع. ففي هذه جميعاً تتميّز البيئات الطائفية بعضها عن بعض، بتقاليد وعادات ونزعات ذاتية مستقلة.

البيئة السنية تتميّز الى حدّ ما عن البيئة الشيعية، وكلاهما تتميزان عن البيئة الدرزية، والبيئات الثلاث تتميّز عن البيئات المسيحية، سواء أكانت مارونية أو ارثوذكسية، أو ما عدا هاتين من طوائف شرقية أو غربية. فالواضح في الواقع اللبناني أن كل طائفة تتمسك بشخصيتها، وتحتفظ بقيمها الخاصة، وتحاذر أن تطغى عليها أي قيم أخرى. الشخصية المذهبية اذن هي مؤسسة لبنانية يتجسّد فيها كلّ من الطوائف بخصائصه المستقلة، ولذلك يتعيّن علينا، لدى البحث في التراث اللبناني، على أنه شيء حقيقي باق وحيّ، ان نشدد ونؤكد على ما تختصّ به كل طائفة لبنانية من تقاليد وقيم غنية رائعة ومميزة، وان نشدّد ونؤكد في الوقت نفسه على النظام المستقّر في تعايش هذه الطوائف. فاذا كانت الشصخية المذهبية في لبنان شخصية مستقلة، فان صفتها الأساسية هي في كونها شخصية سمحاء تقوم على التعايش، والتعاون، والتسامح الخلاّق في اطار الاحترام المتبادل.-ان لبنان بلد مؤلف من طوائف متعددة، وهذه ا لمجتمعات المذهبية ذات شخصيات مستقلة تحرص عليها كل الحرص.-ان لبنان – كما يحدده جواد بولس – هو نظام فدرالي طائفي، أو اتحاد طائفي ( federation des communautes) . وهذا النظام الاتحادي المتسامح، المنسجم، المتعايش بسلام، الناقض للحقد والتعصب والكراهية والعنصرية الدينية، هو أيضاً جزء لا يتجزأ من التراث اللبناني، يجب المحافظة عليه، والتخطيط المستقبلي لانماء فضائله.

أتريدون احياء التراث ؟ اذن، قوّوا روح الألفة والاحترام المتبادل بين الطوائف في لبنان، بالشعور الذاتي، وبالفكر والقول والفعل، وفي كل مناسبة، عندئذ نترك لأولادنا وأحفادنا مؤسسة تراث اجتماعي مستقر ثابت.

5- مؤسسة التراث الخامسة هي الدولة. وهنا لابدّ من التأكيد أن دستورنا هو أقدم دستور حيّ في الشرق الأدنى، لم تعصف به نوازع التبديل والنقض. ومع أن نظامنا الديموقراطي البرلماني مقتبس من نظام الجمهورية الفرنسية الثالثة، الاّ ّ أن حياتنا السياسية عريقة في الديموقراطية. فالشعب في لبنان هو في نهاية النهايات مصدر السلطة بالفعل. وعند كل قرار سياسي يتعلّق باختيار الشعب لممثليه، سواء في الانتخابات البلدية أو في الانتخابات النيابية أو حتى الانتخابات الرئاسية، يختار الناخب من يشاء بين عدة مرشحين. أما المنافسة السياسية فهي منافسة حرّة وحادّة. وكل هذا يقع بالطبع في اطار التوازن الطائفي الذي يؤلّف هو أيضاً جانباً من التراث. وأما القضاء فهو عريق مستقل منزه، وافر التقاليد، غني المنابع من شرائع العالم المتمدّن. وفي كلّ ظاهرة من حياتنا السياسية والقضائية في لبنان نجد الأثر الواضح للسابقة، والتقليد، والعرف؛ ونحتكم أخيراً الى ما هو في صميم عاداتنا الأصيلة.-ولعلّ الخاصة المميزة للنظام اللبناني بالدرجة الأولى، هي ان الدولة ليست " مؤسسة المؤسسات "، كما هي الحال في كثير من البلدان، بل أن الدولة مؤسسة بين المؤسسات.

وقد يكون في عداد مؤسّساتنا ما هو أقوى وأعظم وأعرق من مؤسسة الحكم. فالنظم، والعهود، والحكومات، تمرّ على مسرح الحياة الوطنية، ثم تتوارى، أما القرية، والشخصية المذهبية، والوساطة، وغيرها من مؤسّسات التراث، فقائمة لا تبرح ولا تزول، وكثيراً ما برهنت هذه المؤسسات أنها أقوى من الدولة، بل أن الدولة سرعان ما تتعرض لخطر الانهيار ان هي دخلت معها في صراع التحدي.

ثم ان هذه المؤسّسات ليست أعضاء في جسم الدولة، بل أن الدولة نفسها عضو يشارك المؤسّسات التراثية الأخرى في الجسم الحضاري اللبناني المتناسق الرائع العجيب. ومن هنا أنّ ردود الفعل التي تريد أن تحمل الدولة مسؤولية كلّ شيء ليست من لبنان وتراثه في شيء. والذين لا يرون في لبنان الاّ مؤسّسة واحدة هي الدولة ينتقدون أو يمتدحون، يعيشون بعقلية غير لبنانية، هي أقرب الى النزعة البيروقراطية البوليسية الكلية، منها الى النزعة الديموقراطية الأصيلة التي شاءت أن تكون الدولة، وهي مؤسّسة خدمة الشعب والتراث، لا أكثر ولا أقل، وأن تكون بنظمها وقوانينها وفروعها المتعددة مؤسسة يتجسد فيها تراثنا السياسي الحيّ الديموقراطي الحرّ.

أتريدون احياء التراث ؟ اذن، لتحقّق الدولة معاني وجودها، في توطيد الأمن والحرّية، في رفع الظلم، في اشاعة العدالة، في تعزيز الخير العام فوق النفع الخاص، ولنساعدها جميعاً كمواطنين أحرار، بتوقّعاتنا المنضبطة، ان تعطي ما تستطيع اعطاءه في نطاقها المحدود، عندئذ نسلّم للمستقبل مؤسسة تراث انساني أصيل.

6- المؤسسة اللبنانية السادسة في عداد مؤسسات التراث، هي المدرسة : المدرسة الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، والمدرسة الجامعية العليا. اني لأسأل عن منشأ التراث فأراه في مدارس لبنان الأولى، تحت السنديانة، في جوار الكنائس والأديار، أو في حلقات المساجد والكتاتيب، حتى تجسّد بعد ذلك في المدارس الخاصة الى يومنا، من دور الحضانة والروضة الى عشرات الثانويات والكلّيات التي نفاخر بها تقدّماً وتنظيماً، وبعضها نشأ منذ قرون. وما برح ينمو ويزدهر ويتحّول الى وسط فكري وثقافي وتربوي، نموذجي في الشرق العربي بأسره.

أما تراثنا الفكري البعيد الأثر والانطلاق، فهو يتجسد في الجامعات. وهنا لا بدّ من الاقرار بفضل المؤسّسات العلمية الأجنبية على تراثنا المدرسي، وكل تهّرب من الاقرار بهذا الفضل هو عقوق ليس من اخلاقنا اللبنانية في شيء. فان المدارس والجامعات ذات المنشأ الوطني أو الأجنبي في لبنان أسهمت معاً في بناء تراث فكري عظيم يدخل في كيان التراث اللبناني بوجه عام. ولا أغالي اذا قلت ان لبنان سيواجه في السنوات العشر القادمة مشكلة التنسيق بين الجامعات القائمة على أرضه، والربط والتطوير في مناهجها، والتقريب فيما بينها على أسس موضوعية بعيدة عن المكابرة والتحزّب والارتجال. وعندها سيكون القرار المتعلق باللغات الأجنبية وانفتاحنا على الثقافات العالمية الحية قراراً حاسماً. فقد سبق، وأشرت، في الحديث على مؤسسة اللغة، الى أن أي انتقاص من الانفتاح اللبناني على التراثات الانسانية الكبرى بلغتها الحية، هو تنازل من جانب لبنان عن مركزه الفذّ، ودعوته الخاصة في الشرق الأدنى، وأضيف هنا أن هذا التنازل هو بمثابة كارثة ليس من المعقول أن يقدم لبنان على انزالها بنفسه، واضيف كذلك ان كل شوفينية في أمور الفكر والروح ليست من تراث لبنان في شيء على الاطلاق، فان لبنان واحد مع هوميروس، وأفلاطون، والكتاب، والاكويني، ودانته، وشكسبير، وغوته، وكانت، ودوستويفسكي، كما انه واحد مع القرآن، وعلي بن أبي طالب، وابن سينا، وابن رشد، والمتنبي، والجاحظ، وابي العلاء.

تراثنا الفكري الجامعي الذي يتعين ان نعمقه أضعافاً مضاعفة عما كان حتى الآن، يجب أن يرمي الى اكتناه الحقيقة التامة، في ميادين الوجود كافة، بالحرية المطلقة والانفتاح التام، بالمناقشة والحوار المسؤول، وبالمقاييس والاحكام العقلية المأثورة والمعترف بها في التاريخ، كل ذلك بقصد الوصول الى خلق عقلي عالمي جديد.

أتريدون احياء التراث ؟ اذن، بثّوا روح الجدّ والمسؤولية والرسالة في المدرسة والجامعة، في صفوف الطلاّب والمعلمين، واربطوا مؤسسة التربية والعقل بأرفع مراكز الخلق والابداع في العالم، في العلم والفكر والفنّ، عندئذ نخلق للأجيال الطالعة مؤسسة تراث مبدع عظيم.

7- المؤسسة اللبنانية السابعة التي تجسد التراث هي الكنيسة. واذا كانت الطوائف اللبنانية جميعاً تتفاعل متعايشة في قلب التراث، في اطار الشخصية المذهبية السمحاء، واذا كان النظام السياسي القائم في لبنان يستند الى هذا التوازن والتعاون الطائفي الذي يؤمن الاستقرار انطلاقاً من الاعتراف بالحقوق السياسية والاجتمتاعية لكل طائفة من الطوائف، فان الكنيسة التي تبدو ذات علاقة بالوجود الطائفي في لبنان، هي بطبيعتها وتراثها مستقلّة تمام الاستقلال عن أيّ شخصية مذهبية، سواء أكانت مسيحية أم غير مسيحية، وسواء أكان ذلك في لبنان أم في أي بلد آخر. فلو زال النظام الطائفي بكامله من لبنان، تبقى مع ذلك الكنيسة مؤسسة تراث حيّ فاعل.

ذلك ان الكنيسة هي " المؤسسة "، بأل التعريف، على الصعيد الانساني، وهي في لبنان المؤسسة التراثية المثلى، نظراً لقدمها وتأصلها واستمرارها، ومسكونية انتمائها. ولو انعمنا النظر في مؤسسات البشر كافة، لرأيناها تنهل من معين الكنيسة وتتأّثر بها حضارياً وتنظيمياً، بدرجات متفاوتة. الكنيسة مستقلّة تماماً عن أيّ نظام اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي، وتراثها قائم في حدّ ذاته، بل انه معطى من خارج هذه الأنظمة جميعا.

أما أهمية الكنيسة الأم في التراث اللبناني، فهي انها وجدت في لبنان منذ أن وجدت، ولم تنفصل منذ وجودها، وخلال الألفي سنة من تاريخ وجودها في لبنان، عن مركزيها العالمّيين : القسطنطينية في الشرق، ورومة في الغرب. هذا الاتصال العضوي، الذي لم ينفصم اطلاقاً، بالمركزين الرئيسيين نكاد الاّ نجده في بلد آخر غير لبنان، ليس في الشرق الأدنى وحسب، بل في العالم بأسره.

الكنيسة لا تبتغي شيئاً من الاقتصاد أو الاجتماع أو السياسة، بل أن كل ما تبتغيه هو أن يسمح لها بالوجود والعمل الحرّ، وهي لا تتحمل مسؤولية أيّ قرار سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، فلديها مسؤولياتها الخاصة، في الحفاظ على الوديعة الغالية التي تسلمتها، وفي تقديم بشراها الى العالم، وفي تعهد بيعتها وصون حريتها. انها تنبه للخطأ، وتنهي عن الظلم، ولكن على المخطئين والظالمين، ومن يقع عليهم فعل الخطأ والظلم، أن يتحمّلوا مسؤولياتهم في الزمان والمكان. فللكنيسة ميدانها الخاص، ومصدر سلطتها هو مصدر آخر مستقل. غايتها انقاذ النفوس من ربقة الشرّ والفساد، واخراج العقول من الظلمة الى النور، أياً كانت الظروف أو الأنظمة التي تعايشها. ان تراث الكنيسة العظيم لا يدانيه أي تراث آخر من صنع البشر، تراث يتصل بألوف الشهداء، والقديسين، والفلاسفة، والمعلمين، والأدباء، والعلماء، والمفكّرين، والفنّانين، وأهل الخير من بناة صروح العلم، ودور التمريض، وملاجيء العجزة والبؤساء والمعذّبين في الأرض، كما يتصل بمواكب لا نهاية لها من المؤمنين بالعدالة، العاملين في اطار المحبة، الساعين الى الخير والصلاح، المنشئين هياكل الايمان والمرسين قواعد السلطان من رجال الدين والدنيا.

ولا يمكنني بعد أن أتصوّر التراث اللبناني بدون الكنيسة، هذه المؤسسة العظمى، في مسكونيتها، وقدمها، ورسوخها، وغناها، وفي كونها أسهمت كبير الاسهام في أن يظّل لبنان مطلاً مشرفاً على أبعد آفاق المعمورة، شرقاً وغرباً.

أتريدون احياء التراث ؟ اذن، صونوا حقّ الكنيسة التام في انماء ذاتها وفقاً لقوانينها وتقاليدها المستقلة، وليشترك بالفعل ابناؤها المؤمنون، بعيداً عن كل سياسة، في استحضار دفق جديد من الروح القدس عليها، عندئذ تقدّم ذاتها في لبنان، كما تقدّم ذاتها في كل مكان، بركة لكل انسان، لأنها مؤسسة تراث زاخر عريق باق الى الأبد.

قررنا، في مطلع هذا البحث، امرين أساسيين :

قررنا أولاً ان ما نسميه تراثنا يجب أن يكون حياً باقياً فينا. لذلك لا يحقّ لنا أن ندعي ارثاً لا نتعهد اليوم بالفعل، حتى ولو نشأ على أرضنا في غياهب الماضي السحيق، فتلك محاباة كاذبة، ومفاخرة في غير موضعها.

وقررنا ثانياً أن التراث الحيّ الباقي لا يكمن في الخيال والتصوّر والادّعاء، بل يتجسد في مؤسسات قائمة تسمى بأسمائها، وقد تبين لنا انها سبع مؤسسات : القرية اللبنانية، الوساطة اللبنانية، الشخصية المذهبية السمحاء، اللغة العربية وتراثها، الدولة، المدرسة، الكنيسة.

والمهّم في هذه جميعاً ليس انها توحي بتأمّلات وأفكار، بل المهّم هو كونها موجودةً بالفعل، حيّة، باقية، مستمرّة. انها تختلف ولا ريب، أصالةً، وتواصلاً، وتأصلاً، وغنى وقوة، ومراتب، وابعاداً، وبتفاوت ما تمثله في الوجود اللبناني، وما تعنيه وما تحتويه، ولكنها هي المؤسسات التراثية الحية الحقيقية التي يتعين انماؤها حاضراً ومستقبلاً.

هنالك مؤسّسات أخرى، كالأحزاب السياسية، والنقابات، والهيئات الاجتماعية، والصحافة، وبعض العائلات اللبنانية، وبعض الجمعيات والتنظيمات الأهلية، وغيرها مما لا مجال الى تعداده، ولكن هذه المؤسّسات لا يمكن أن تقارن عمقاً، واتساعاً، وشمولاً، وبعد أثر، بالمؤسسات التراثية السبع التي ذكرنا. فاذا قلنا " لبنان تراثاً " فنحن نعني هذه المؤسسات السبع بالذات، واذا قلنا باحياء التراث، فعلينا أن نعنى بهذه المؤسسات قبل أيّ شيء آخر.

والآن، ما هو الطابع الذي يطبع هذه المؤسسات التراثية جميعاً ؟ وما هي روحها المتأصّلة فيها ؟ وما هو سرها المكنون ؟انه طابع الحرّية، وروح الاحترام، لأن الحرية المسؤولة تفترض الاحترام.

لبنان التراث هو الحرية والاحترام.

يوم عانى لبنان ما عاناه في الأمم المتحدة لاثبات كرامة الانسان، وحقوقه، وحرّياته الأساسية، في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، بصيغته الفريدة الرائعة، كانت أعماق الوجود اللبناني هي التي تنطق بأفواه ممثليه. ان قصة هذه المعاناة لم تكتب بعد، وهي، في خفاياها وأسرارها الكيانية، لن تكتب أبداً.

يبدأ الاعلان العالمي لحقوق الانسان كما يلي : " أما وان الاعتراف بكرامة الانسان المتأصّلة في كيان أعضاء الأسرة البشرية جميعاً، وبحقوقهم المتساوية، التي لا انتزاع لها عنهم، انما هو أساس الحرية والعدل والسلم في العالم..."

وتقول مادته الأولى : " يولد البشر كلهم أحراراً، متساوين، في الكرامة وفي الحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الاخاء."

والحقّ انه لولا هذه الكرامة وهذه الحقوق، ولولا هذه الحريةوهذا الاخاء، ولولا هذا العقل وهذا الضمير، لما كان لبنان، ولا تمكّن أن يتحدى الأزمنة والعصور حياةً وديمومة.

هذا هو الذي قلناه، وأعلنّاه، وسجّلناه أمام العالم بأسره، مراراً، وهذا ما عملنا على تجسيده أخيراً في هذه النصوص. وأؤكّد لكم ان احتفال العالم كلّ عام، في العاشر من كانون الأول، بذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو احتفال بعيد لبنان. العالم بأسره يعرف الصنيع اللبناني، ويشهد له في هذا اليوم، ونحن لم نجعله بعد، مع الأسف، في طليعة أعيادنا الوطنية الرسمية.-أعود الى الحرية والاحترام، فأقول :

الحرية ليست فكرة أو عاطفة أو خيالاً. بل ان الحرية ليست أيّ شيء، ما لم تتجسّد في الأحرار. الحرية هي الانسان الكائن الحرّ. والانسان الحرّ المسؤول هو أعظم وأهمّ مؤسسة في التراث اللبناني.-ففي قمة التراث اللبناني يوجد الانسان الحرّ، ان هو وجد بالفعل.-الحرّ لا يكذب ولا ينافق.-الحرّ يعرف فضيلة الصمت-.الحرّ لا يغلب على أمره غوغائياً، ولا طموحياً، ولا شهوانياً. أما شهوة الحكم والتسلّط فأبعد ما تكون عنه.-الحقد والنكاية، والبغضاء والنميمة، وصغار النفس، والدس والتآمر في الظلام، كل هذه يفهمها الأحرار تماماً حين تمرّ بهم، لكنهم يمّرون بها دون أن تترك فيهم أيّ أثر.-الحرّ يخلق في كل لحظة – يخلق نفسه حرّاً.-الأحرار يقسون على أنفسهم حتى يتفجر الخلق فيهم تفجيراً.-همّهم أن يرتفعوا الى ملأ الاشراف الخلق، وفي فعل الخلق أن يوجدوا.-وهم اذ يرمقون لحظة الخلق بصبر وطول أناة، يخلقون ان هي جاءت، وان هي لم تجيء، يسجدون ويصلّون.-الأحرار يقبلون الصلب، وفي اليوم الثالث يقومون.

الأحرار لا يسألون عن الموت، ولا يهابون الحياة. يرحّبون بالموت، اذا كان فيه الحياة، واذا اقتضت الحياة الحرّة الشريفة موتاً، فانهم يحيونها.-همّهم أن يبقوا هم الأسياد، ليس على الآخرين، بل على كلّ ظلام وخسّة في نفوسهم.

هل يضبطون أفكارهم، هل ينظّمون تخيلاتهم، هل يكبحون جماح عواطفهم، هل يلجمون ألسنتهم، هل يتحملون آلامهم، هل يقبلون أقدارهم، هل ينتقدون أنفسهم – تلك هموم الأحرار.

الماضي لا يكّبلهم الاّ ما يكونون تائبين. والتوبة الصادقة تحرّرهم حتى من الماضي. تحرّرهم لأنها لا تنبع منهم. تحررّهم لأنها من لدن اللّه.-يقتنصون الوجود لأنّ الوجود وجدهم قبل أن يجدوه. وجدهم وترّبع فيهم، واستقّر، واستوى.

الأحرار لا يحلّلون، ويمحّصون، ويرفضون – الأحرار يعجبون ويحّبون.-الأحرار يقرّون بالأفضال، ويعترفون بالمصادر. الأحرار يعلنون الى من هم مدينون.-اذا عنت الحرية ضرورة السقوط أصبح الحرّ عبداً لما يسقط اليه.

أما الأحرار فيفسّرون حرّيتهم بأنها الابقاء على امكان السقوط، دون الوقوع بالسقوط بالفعل.-الحرّ يعرف تماماً أن الوجود لا يتوقّف عليه، بل على العكس، يعرف ويقّر أن وجوده هو يتوقف على الوجود الحقيقي الموجود.

الأحرار يعيشون في العالم، لكنهم ليسوا من العالم. الحرية قبس متعال آت من فوق.-الأحرار يقرون بما هو فوق، ويعترفون بمن هم متكلون عليه، ولذلك هم أحرار.-الأحرار يعنشون، ويونعون مع الأحرار، دون أن ينسخ بعضهم بعضاً، واذا كان حرّ ما نسخة تامة طبق الأصل عن أي حرّ آخر، فهو عبد.-انها الصداقة، والمعاشرة، والمشاركة، والمحبة، التي تعزّز الحرية في الأحرار.-يفتش الأحرار عن الأحرار في كل زاوية من زوايا الكون، في الزمان وفي المكان، وحين يجد بعضهم بعضاً، أيّاً كانت فوارق اللغة، والعصر، والتراث، والجنس، والدين، فكأنّهم وجدوا اللّه في وجوههم.

الوجود كله يحصر في النهاية في الانسان الشخص الكائن الحرّ. وكل تراث لا ينهض على أحرار، ولا يخلق أحراراً، هو تراث عقيم. الانسان الشخص الحرّ الكائن هو مؤسسة التراث الأولى، وكل مؤسسة أخرى انما تنحدر منه، وتؤول اليه. هو أمل الوجود، وهو قبلة المستقبل. هو الذي يبّرر كلّ ثقافة وكلّ تراث. وما لم تتمكن مؤسساتنا من خلق الانسان الشخص المسؤول، فباطل التبجح بالحرية، وعبث القول بالتراث.

وأخيراً انتقل الى " لبنان، أزلاً. "

لقد خصّ التراث العربي لبنان بأجمل الأوصاف.
ففي الحديث " أن من جبال الجنة أحد، وطور سيناء، ولبنان ."
وفي رواية للطبري عن ابن عباس ان آدم بنى البيت من خمسة أجبل : من طور سيناء، وطور زيتون، ولبنان، والجودي، وبنى قواعده .
وروي عن كعب الأحبار قوله : " لبنان أحد الجبال السبعة التي تحمل العرش يوم القيامة. "

وقد ذكر المؤرّخون العرب قول اللّه لابراهيم الخليل عندما صعد جبل لبنان : " انظر، فما أدرك بصرك فهو مقدّس. "

أما الشعراء العرب، من أمثال المتنبي، وابي نوءاس، والبحتري، والنابغة الشيباني، ونابغة بني ذبيان، وابي تمام، وابن خفاجة الاندلسي، وغيرهم، فقد تغنوا بجمال لبنان، ومنعته، وصموده، ودوامه، وبجباله المعّلقة في السماء، وضيافة أهليه، وتغزّلوا بحسانه، وخمره، وتفاحه، ومائه العليل، وشبّهوه بالبأس والعلاء.

الصديق كالنخل يزهر، ومثل أرز لبنان ينمي. المغرسون في بيت الرب يزهرون في ديار الهنا. ( 
ولعل أروع ما جاء في ذكر لبنان آيات " الكتاب " ، الذي كان الأسبق الى ذكراه بما لا يفوقه غير ذكر اللّه. فقد ذكر لبنان في " الكتاب " 71 مرة، والأرز 74 مرة، وصور 58 مرة، وصيدا 35 مرة، والصيدونيون 14 مرة. هذا ليس بالأمر التافه اذا علمنا ما هو " الكتاب ".

في سفر حزقيال نجد نبوءة قاسيةً جداً على صور، نبوءة تحققت بالفعل في التاريخ، حين سقطت صور من مجد العظمة الى ذلّ الهوان. وسبب هذا الحكم الصارم القاضي هو، كما نقرأ في الكتاب، غنى صور، وترفها، وبطرها، وتجاّريتها، وكبرياؤها، والجشع المادي الذي وقعت فيه، واكتفاؤها في ذاتها بعيداً عن اللّه. " يا ابن البشر، قل لرئيس صور، هكذا قال السيد الرب، ان قلبك قد طمح فقلت : اني اله، وعلى عرش اله جلست في قلب البحار، وانت بشر لا اله، ولكن جعلت قلبك كقلب اله... من كثرة اتجارك امتلأ باطنك جوراً، وخطئت... بكثرة آثامك في ظلم اتّجارك دنّست مقادسك... فلذلك هكذا قال السيد الرب : بما انك جعلت قلبك كقلب اله، لذلك هاءنذا اجلب عليك الغرباء معتزي الأمم، فيجّردون سيوفهم على بهجة حكمتك ويدنسون بهاءك." ( حزقيال، الفصل 028 )

هذا الحكم الرهيب الهائل أطلقه حزقيال على صور، وقد نفذ الحكم تاريخياً بالفعل. وهو ذاته يطلق اليوم، والى الأبد، على كل مادّية، وكل جشع، وكلّ ظلم، وكلّ استكبار، وكلّ اكتفاء ذاتي زائف، وكل " تفشيط "، وكلّ تأليه للانسان دون اللّه الخالق. واذا كان لعصرنا، في العالم كله، صفة مميزة، فهي بالضبط صفة المادّية، والجشع، والظلم، والاستكبار، والاكتفاء الذاتي، والابتعاد عن اللّه، أعني الصفة الصورية القديمة. لذلك فالحكم على صور أصبح حكماً أزلياّ على كل مادّية، وجشع، وجور، واكتفاء ذاتي. وهكذا يفرح لبنان اليوم، بخوف ورعدة، لأن اللّه استخدم وجهاً من وجوه الحياة في لبنان بالذات للحكم على أخطر انحراف روحي معاصر : المادّية، والالحاد، والاكتفاء الانساني.

هذا من حيث استخدام لبنان، أزلياً، للحكم على كل ابتعاد عن اللّه، وكل اكتفاء بالمادة والانسان.

قلت ان لبنان ذكر 71 مرة والأرز 74 مرة. وأهمّ من مجرد ذكر الشيء القرينة والجوّ اللذان يذكر فيهما. فاذا حصرنا بحثنا في لبنان والأرز فقط ( ما عدا الشاهد الأخير )، فالغريب في أمر ذكرهما في الكتاب أنهما لم يذكرا مرة واحدة في قرينة أو مناسبة يشتم منها أيّ نقد أو ادانة أو أيّ قدح أو تحقير. القرينة في معظم الأحيان تعبق بالمحبة والتكبير، والجوّ في معظم الأحيان يوحي الوقار والتفخيم.

دعني أجوز فارى... هذا الجبل الحسن ولبنان. ( تثنية 3 : 25 )

... وجميع آنية بيت غابة لبنان كانت من ذهب خالص لم يكن فيها فضة... ( 3 ملوك 10 : 21 )

غلته في رؤوس الجبال تتموج كلبنان، ويزهر أهل المدن مثل عشب الأرض. ( مزمور 71 : 16 )

مزمور 91 : 13 – 14 )

تروي اشجار الرب أرز لبنان التي غرسها. هناك تعشعش العصافير. ( مزمور 103 : 16 – 17 )

هلمي معي من لبنان، ايتها العروس، معي من لبنان، انظري من رأس امانة، من رأس سنير وحرمون، من مرابض الأسود، من جبال النمور. ( نشيد الانشاد 4 : 8 )

شفتاك يا عروس تقطران شهداً، وتحت لسانك عسل ولبن. ورائحة ثيابك كرائحة لبنان. ( نشيد الانشاد 4 : 11 )

عين جنات، وبئر مياه حيّة، وانهار من لبنان. ( نشيد الانشاد 4 : 15 )

ساقاه عمودا رخام موضوعان على قاعدتين من ابريز، وطلعته كلبنان. هو مختار كالأرز. (نشيد الانشاد 5 : 15 )

ستفرح البرية والقفر وتبتهج البادية وتزهر كالورد. تزهر أزهاراً، وتبتهج ابتهاجاً مع ترنيم. قد اوتيت مجد لبنان، وبهاء الكرمل والشارون، فهم ينظرون مجد الرب وبهاء الهناء. ( اشعيا 35 : 1 – 2 )

قومي استنيري فان نورك قد وافى، ومجد الرب اشرق عليك. ها ان الظلمة تغشى الأرض والديجور يشمل الشعوب. ولكن عليك يشرق الرب ويتراءى عليك مجده. فتسير الأمم في نورك، والملوك في ضياء اشراقك... مجد لبنان يأتي اليك. السرو، والسنديان، والشربين، جميعاً لزينة مقدسي، وامجد  موطيء قدمي. ( اشعيا 60 : 1 – 3 و 13 )

هل يخلو صخر حقلي من ثلج لبنان. أو هل تنشف المياه المنفجرة الباردة الجارية. ( ارميا 18 : 14 )

هكذا قال السيد الرب، ان النسر العظيم، ذا الجناحين العظيمين، الطويل القوادم، الممتلىء ريشاً، الكثير الألوان، قد أتى لبنان، وأخذ ناصية الأرز. ( حزقيال 17 : 3 )

وأكون لاسرائيل ( هنا اسرائيل تعني في العقيدة المسيحية الكنيسة ) كالندى فيزهر كالسوسن، ويمدّ عروقه كلبنان، وتنتشر فروعه، ويكون بهاؤه كالزيتون، ورائحته كلبنان. فيرجع الساكنون في ظله ويحيون بالحنطة ويزهرون كالكرم، ويكون ذكره كخمر لبنان. ( هوشع 14 : 6 – 8 )

قال يسوع للمرأة التي أتت اليه من تخوم صور وصيدا مستغيثةً من أجل ابنتها التي بها شيطان يعذّبها : " يا امرأة، عظيم ايمانك، فليكن لك كما أردت. " ( متى 15 : 28 )
هذه شهادة الكتاب عن لبنان. المهم ما تنطوي عليه هذه الشهادة من معنى وايحاء. ما الذي يعنيه لبنان في الكتاب ؟ وبماذا اقترن اسم لبنان في الكتاب ؟ وما الذي اوحى به لبنان الى الاذهان التي وضعت الكتاب ؟

لقد أوحى لبنان وعنى الجبل الجميل، غابة الأرز " التي غرسها الرب. "

أوحى وعنى الغلة المتمّوجة، أزهار العشب، الشهجد، والعسل، واللبن، والأبريز.

أوحى وعنى الذهب الخالص، والخمر المعتق، والرائحة الزكية.

أوحى وعنى السرو، والسنديان، والزيتون، والشربين، والحنطة، والكرم، والسوسن، والندى.

أوحى وعنى العصافير ومرابض الأسود وجبال النمور.

أوحى وعنى الجنات، والثلج، والأنهار، والمياه الحية، والمياه المنفجرة الباردة الجارية.

أوحى وعنى العروس الجميلة التي فاق جمالها كلّ تصور.

أوحى وعنى البر الصامد لأن " الصديق مثل أرز لبنان ينمي ."

أوحى وعنى " بيت الرب "، " ديار الهنا ."

أوحى البهاء، والمجد، والضياء، والرفعة، والطلعة المشرقة.

أوحى الفرح، والبهجة، والترنيم.

أوحى اشراق الرب.

أوحى النسر العظيم.

أوحى الايمان العظيم.

ولو علمنا ما هو الكتاب، وان وضعه استغرق ألفي سنة، وان هذه الشهادة عن لبنان واحدة فيه غير متقطعة من أوله الى آخره، وانه أكثر الكتب انتشاراً في العالم، ولو دققنا في كثافة هذه الشهادة ونوعيتها ومضمونها – لو فعلنا كل هذا، لاعترانا شعوران غريبان متناقضان. الشعور الأول فرح كبير، لأن هذا الكتاب العظيم يعطي هذه الشهادة الفائقة عن هذا البلد الصغير. والشعور الثاني خجل كياني عميق، لأن ما يعنيه لبنان في " الكتاب " وما يعنيه " الكتاب " بالنسبة للبنان، لا ينطبقان، مع الأسف، على وجوه بعض الواقع في لبنان.

وفي التوتر والمشادة الكئيبين بين ذلك الفرح وهذا الخجل، يقضي اللبناني الفاهم المخلص المسؤول حياته كلها.

لا ريب في أن الأزل هو القديم، ونحن قررنا في البداية الاّ نعكف على الماضي القديم، بل أن نتطلع الى المستقبل الآتي. ولكن المستقبل لا يخلق من العدم. المستقبل يرسمه الأزل. والكتاب يحتلّ بين كتب الأزل مركزاً خاصاً، لذلك فان شهادته ستبقى الى الأبد، وستبقى معها الصورة التي رسمها للبنان. أي ان كل من يقرأ الكتاب، من الآن والى الأبد، سيتأمل في رسمه الأزلي للبنان. نحن في لبنان نعيش في ظلّ ما كتبه الأزل لنا، وما توقعه منا، وما لن ينفك عنا حتى نكونه بالفعل. الأزل اذن ليس حيادياً بالنسبة الينا، ونحن لا نقع خارج حكمه. لقد خصّنا بعناية فريدة. وفرحنا بهذه العناية لا يعادله الاّ شعورنا بحملها الثقيل الملقى على عاتقنا. لكن اللّه لا يكلف نفساً الاّ وسعها.

mercredi 12 novembre 2008

lundi 6 octobre 2008

dimanche 28 septembre 2008

vendredi 26 septembre 2008

Lebanon as mentioned in the Holy Bible

Lebanon as mentioned in the Holy Bible

Lebanon was mentioned 71 times in the Holy Bible ... 
Check them out yourself!

          Deuteronomy 1:7
.         ...turn and take your journey, and go to the hill country of the Amorites, and to all their neighbors in the Arabah, in the hill country and in the lowland, and in the Negeb, and by the seacoast, the land of the Canaanites, and Lebanon, as far as the great river, the river Euphra'tes.
          Deuteronomy 3:25
          Let me go over, I pray, and see the good land beyond the Jordan, that goodly hill country, and Lebanon.'
          Deuteronomy 11:24
          Every place on which the sole of your foot treads shall be yours; your territory shall be from the wilderness and Lebanon and from the River, the river Euphra'tes, to the western sea.
          Joshua 1:4
          From the wilderness and this Lebanon as far as the great river, the river Euphra'tes, all the land of the Hittites to the Great Sea toward the going down of the sun shall be your territory.
          Joshua 9:1
          When all the kings who were beyond the Jordan in the hill country and in the lowland all along the coast of the Great Sea toward Lebanon, the Hittites, the Amorites, the Canaanites, the Per'izzites, the Hivites, and the Jeb'usites, heard of this
          Joshua 11:17
           ... from Mount Halak, that rises toward Se'ir, as far as Ba'al-gad in the valley of Lebanonbelow Mount Hermon. And he took all their kings, and smote them, and put them to death.
          Joshua 12:7
          And these are the kings of the land whom Joshua and the people of Israel defeated on the west side of the Jordan, from Ba'al-gad in the valley of Lebanon to Mount Halak, that rises toward Se'ir (and Joshua gave their land to the tribes of Israel as a possession according to their allotments,
          Joshua 13:5
          and the land of the Geb'alites, and all Lebanon, toward the sunrising, from Ba'al-gad below Mount Hermon to the entrance of Hamath,
          Joshua 13:6
          all the inhabitants of the hill country from Lebanon to Mis'rephoth-ma'im, even all the Sido'nians. I will myself drive them out from before the people of Israel; only allot the land to Israel for an inheritance, as I have commanded you.
          Judges 3:3
          These are the nations: the five lords of the Philistines, and all the Canaanites, and the Sido'nians, and the Hivites who dwelt on Mount Lebanon, from Mount Ba'al-her'mon as far as the entrance of Hamath.
          Judges 9:15
          And the bramble said to the trees, 'If in good faith you are anointing me king over you, then come and take refuge in my shade; but if not, let fire come out of the bramble and devour the cedars of Lebanon.'
          1 Kings 4:33
          He spoke of trees, from the cedar that is in Lebanon to the hyssop that grows out of the wall; he spoke also of beasts, and of birds, and of reptiles, and of fish.
          1 Kings 5:6
          Now therefore command that cedars of Lebanon be cut for me; and my servants will join your servants, and I will pay you for your servants such wages as you set; for you know that there is no one among us who knows how to cut timber like the Sido'nians."
          1 Kings 5:9
          My servants shall bring it down to the sea from Lebanon; and I will make it into rafts to go by sea to the place you direct, and I will have them broken up there, and you shall receive it; and you shall meet my wishes by providing food for my household."
          1 Kings 5:14
          And he sent them to Lebanon, ten thousand a month in relays; they would be a month inLebanon and two months at home; Adoni'ram was in charge of the levy.
          1 Kings 7:2
          He built the House of the Forest of Lebanon; its length was a hundred cubits, and its breadth fifty cubits, and its height thirty cubits, and it was built upon three rows of cedar pillars, with cedar beams upon the pillars.
          1 Kings 9:19
          and all the store-cities that Solomon had, and the cities for his chariots, and the cities for his horsemen, and whatever Solomon desired to build in
          Jerusalem, in Lebanon, and in all the land of his dominion.
          1 Kings 10:17
          And he made three hundred shields of beaten gold; three minas of gold went into each shield; and the king put them in the House of the Forest of
          Lebanon.
          1 Kings 10:21
          All King Solomon's drinking vessels were of gold, and all the vessels of the House of the Forest of Lebanon were of pure gold; none were of silver, it
          was not considered as anything in the days of Solomon.
          2 Kings 14:9
          And Jeho'ash king of Israel sent word to Amazi'ah king of Judah, "A thistle on Lebanonsent to a cedar on Lebanon, saying, 'Give your daughter to
          my son for a wife'; and a wild beast of Lebanon passed by and trampled down the thistle.
          2 Kings 19:23
          By your messengers you have mocked the LORD, and you have said, 'With my many chariots I have gone up the heights of the mountains, to the far
          recesses of Lebanon; I felled its tallest cedars, its choicest cypresses; I entered its farthest retreat, its densest forest.
          2 Chronicles 2:8
          Send me also cedar, cypress, and algum timber from Lebanon, for I know that your servants know how to cut timber in Lebanon. And my servants
          will be with your servants,
          2 Chronicles 2:16
          and we will cut whatever timber you need from Lebanon, and bring it to you in rafts by sea to Joppa, so that you may take it up to Jerusalem."
          2 Chronicles 8:6
          and Ba'alath, and all the store-cities that Solomon had, and all the cities for his chariots, and the cities for his horsemen, and whatever Solomon desired
          to build in Jerusalem, in Lebanon, and in all the land of his dominion.
          2 Chronicles 9:16
          And he made three hundred shields of beaten gold; three hundred shekels of gold went into each shield; and the king put them in the House of the
          Forest of Lebanon.
          2 Chronicles 9:20
          All King Solomon's drinking vessels were of gold, and all the vessels of the House of the Forest of Lebanon were of pure gold; silver was not
          considered as anything in the days of Solomon.
          2 Chronicles 25:18
          And Jo'ash the king of Israel sent word to Amazi'ah king of Judah, "A thistle on Lebanonsent to a cedar on Lebanon, saying, 'Give your daughter to
          my son for a wife'; and a wild beast of Lebanon passed by and trampled down the thistle.
          Ezra 3:7
          So they gave money to the masons and the carpenters, and food, drink, and oil to the Sido'nians and the Tyrians to bring cedar trees from Lebanon to
          the sea, to Joppa, according to the grant which they had from Cyrus king of Persia.
          Psalms 29:5
          The voice of the LORD breaks the cedars, the LORD breaks the cedars of Lebanon.
          Psalms 29:6
          He makes Lebanon to skip like a calf, and Si'rion like a young wild ox.
          Psalms 37:35
          I have seen a wicked man overbearing, and towering like a cedar of Lebanon
          Psalms 72:16
          May there be abundance of grain in the land; on the tops of the mountains may it wave; may its fruit be like Lebanon; and may men blossom forth from
          the cities like the grass of the field!
          Psalms 92:12
          The righteous flourish like the palm tree, and grow like a cedar in Lebanon.
          Psalms 104:16
          The trees of the LORD are watered abundantly, the cedars of Lebanon which he planted.
          Song of Solomon 3:9
          King Solomon made himself a palanquin from the wood of Lebanon.
          Song of Solomon 4:8
          Come with me from Lebanon, my bride; come with me from Lebanon. Depart from the peak of Ama'na, from the peak of Senir and Hermon, from
          the dens of lions, from the mountains of leopards.
          Song of Solomon 4:11
          Your lips distil nectar, my bride; honey and milk are under your tongue; the scent of your garments is like the scent of Lebanon
          Song of Solomon 4:15
          a garden fountain, a well of living water, and flowing streams from Lebanon.
          Song of Solomon 5:15
          His legs are alabaster columns, set upon bases of gold. His appearance is like Lebanon, choice as the cedars.
          Song of Solomon 7:4
          Your neck is like an ivory tower. Your eyes are pools in Heshbon, by the gate of Bath-rab'bim. Your nose is like a tower of Lebanon, overlooking
          Damascus.
          Isaiah 2:13
          against all the cedars of Lebanon, lofty and lifted up; and against all the oaks of Bashan;
          Isaiah 10:34
          He will cut down the thickets of the forest with an axe, and Lebanon with its majestic trees will fall.
          Isaiah 14:8
          The cypresses rejoice at you, the cedars of Lebanon, saying, 'Since you were laid low, no hewer comes up against us.'
          Isaiah 29:17
          Is it not yet a very little while until Lebanon shall be turned into a fruitful field, and the fruitful field shall be regarded as a forest?
          Isaiah 33:9
          The land mourns and languishes; Lebanon is confounded and withers away; Sharon is like a desert; and Bashan and Carmel shake off their leaves.
          Isaiah 35:2
          it shall blossom abundantly, and rejoice with joy and singing. The glory of Lebanon shall be given to it, the majesty of Carmel and Sharon. They shall
          see the glory of the LORD, the majesty of our God.
          Isaiah 37:24
          By your servants you have mocked the Lord, and you have said, With my many chariots I have gone up the heights of the mountains, to the far
          recesses of Lebanon; I felled its tallest cedars, its choicest cypresses; I came to its remotest height, its densest forest.
          Isaiah 40:16
          Lebanon would not suffice for fuel, nor are its beasts enough for a burnt offering.
          Isaiah 60:13
          The glory of Lebanon shall come to you, the cypress, the plane, and the pine, to beautify the place of my sanctuary; and I will make the place of my
          feet glorious.
          Jeremiah 18:14
          Does the snow of Lebanon leave the crags of Si'rion? Do the mountain waters run dry, the cold flowing streams?
          Jeremiah 22:6
          For thus says the LORD concerning the house of the king of Judah: "'You are as Gilead to me, as the summit of Lebanon, yet surely I will make you a
          desert, an uninhabited city.
          Jeremiah 22:20
          "Go up to Lebanon, and cry out, and lift up your voice in Bashan; cry from Ab'arim, for all your lovers are destroyed.
          Jeremiah 22:23
          O inhabitant of Lebanon, nested among the cedars, how you will groan when pangs come upon you, pain as of a woman in travail!"
          Ezekiel 17:3
          say, Thus says the Lord GOD: A great eagle with great wings and long pinions, rich in plumage of many colors, came to Lebanon and took the top of
          the cedar;
          Ezekiel 27:5
          They made all your planks of fir trees from Senir; they took a cedar from Lebanon to make a mast for you.
          Ezekiel 31:3
          Behold, I will liken you to a cedar in Lebanon, with fair branches and forest shade, and of great height, its top among the clouds.
          Ezekiel 31:15
          "Thus says the Lord GOD: When it goes down to Sheol I will make the deep mourn for it, and restrain its rivers, and many waters shall be stopped; I
          will clothe Lebanon in gloom for it, and all the trees of the field shall faint because of it.
          Ezekiel 31:16
          I will make the nations quake at the sound of its fall, when I cast it down to Sheol with those who go down to the Pit; and all the trees of Eden, the
          choice and best of Lebanon, all that drink water, will be comforted in the nether world.
          Hosea 14:6
          his shoots shall spread out; his beauty shall be like the olive, and his fragrance likeLebanon.
          Hosea 14:7
          They shall return and dwell beneath my shadow, they shall flourish as a garden; they shall blossom as the vine, their fragrance shall be like the wine of
          Lebanon.
          Nahum 1:4
          He rebukes the sea and makes it dry, he dries up all the rivers; Bashan and Carmel wither, the bloom of Lebanon fades.
          Habakkuk 2:17
          The violence done to Lebanon will overwhelm you; the destruction of the beasts will terrify you, for the blood of men and violence to the earth, to
          cities and all who dwell therein.
          Zechariah 10:10
          I will bring them home from the land of Egypt, and gather them from Assyria; and I will bring them to the land of Gilead and to Lebanon, till there is no
          room for them.
          Zechariah 11:1
          Open your doors, O Lebanon, that the fire may devour your cedars!

mardi 9 septembre 2008

Sur les traces de Jésus à travers la Palestine

Sur les traces de Jésus à travers la Palestine

Visiter un pays chargé d'Histoire en suivant les pas du fondateur d'une religion aurait peu de sens si l'on ne connaissait pas sa vie et sa spiritualité. Replongeons-nous un instant dans les évangiles.
Jésus de Nazareth quitte le foyer familial vers trente ans afin de mener sa vie publique à travers la terre d'Israël. Il se rend d'abord sur les rives du Jourdain, où il est baptisé par Jean, puis il se retire dans le désert en solitaire pour se préparer à sa mission. De retour en Galilée après quarante jours, il entreprend un ministère itinérant auprès des populations rurales. Accompagné de douze apôtres qu'il a choisis, il s'adresse aux habitants avec éloquence et opère de spectaculaires guérisons miraculeuses auprès des personnes malades et handicapées. Sa renommée d'orateur et de thaumaturge se diffuse dans tout le pays et l'on vient en foule pour le rencontrer.





La plus ancienne image connue de Jésus,
peinte dans une catacombe romaine. IVème s.
(interrobangtribune.blogspot.fr).



            La théologie de Jésus s'exprime à travers des paraboles inspirées de la vie ordinaire et dotées d'un sens moral et spirituel. Il décrit la relation avec un Dieu totalement bienveillant, qui invite chaque être humain à construire sa vie sur un altruisme pacifique, l'invitant à se mettre au service de ses semblables au point de s'effacer lui-même. Aimer son prochain à l'exemple de Jésus, soutenir les personnes en difficulté, ne pas thésauriser, éviter de juger, pardonner en toutes circonstances, être confiant dans la prière : tous les efforts consentis ne seront rien devant le bénéfice réel attendu d'En-haut.
       




Le lac de Tibériade vu du mont Arbel.
(generationword.com)


Le cours actuel du fleuve Jourdain.
(generationword.com)



        Une importance première est accordée au souci des personnes défavorisées, que Jésus délivre de leurs maux tout en leur transmettant la "bonne nouvelle", un message d'espoir pour l'Au-delà. Pourtant il ne cache pas qu'après la mort une sélection est faite entre les âmes en fonction des actes accomplis sur Terre. Le royaume céleste est promis à ceux qui font preuve d'une grande humanité. Pour cela Jésus veut sauver toutes les consciences égarées, préconisant la conversion des pécheurs par la patience et la prière plutôt que leur condamnation. Toute prière peut être exaucée avec une foi profonde, et même les miracles sont à la portée de chacun.
Jésus se réclame du judaïsme auquel il veut cependant donner une dimension nouvelle. Tout en respectant la loi hébraïque, il la libère de la rigidité d'une pratique trop littérale. La conception d'un Dieu juste et autoritaire fait place à celle d'un Dieu d'amour et de compassion. Pourtant son interprétation de la Loi dérange les habitudes des prêtres et des docteurs, dont il fustige l'hypocrisie. Il entre peu à peu en conflit avec le pouvoir religieux du Temple, celui-ci considérant qu'il blasphème lorsqu'il déclare être le fils de Dieu.
Son enseignement se transmet oralement lors des déplacements en Terre sainte à travers la Galilée, la Judée, la Samarie et occasionnellement dans les pays limitrophes.
Bien qu'il soit impossible de reconstituer l'itinéraire exact qu'il suivit, un grand nombre de lieux qu'il traversa sont aujourd'hui assez bien identifiés. Quelques-uns sont marqués par la tradition locale ou sont sortis de terre à la suite de fouilles archéologiques.





Carte de la Palestine au temps de Jésus.
(réalisée avec http://aquarius.geomar.de/omc)



Capharnaüm

Les écritures font en quelque sorte de Capharnaüm la seconde patrie de Jésus après Nazareth. Elles rapportent en effet que Jésus s'y rendit plusieurs fois et qu'il y résida : "Puis, quittant Nazareth, il habita Capharnaüm aux bords de la mer". Il y accomplit plusieurs miracles, notamment les guérisons du serviteur d'un centurion, de la belle-mère de l'apôtre Pierre et d'un paralytique. Il enseigna dans la synagogue de cette ville, où il guérit également un possédé.
       La ville fut identifié en 1838 par l'archéologue américain Edouard Robinson au site désolé de Tel Hun, sur la rive nord-ouest du lac de Tibériade. Le terrain fut acheté par l'ordre des franciscains en 1894, qui y mena plusieurs campagnes de fouilles dont la plus importante fut conduite entre 1968 et 1986 par les pères Virgilio Corbo et Stanislao Loffreda.
L'occupation du site est attestée à partir du IIème siècle avant notre ère. Ce village de pêcheurs était également un poste-frontière avec la Transjordanie et comprenait un bureau de douane. La présence d'une garnison romaine est évoquée dans les évangiles, qui précisent que le centurion dont Jésus guérit le serviteur avait fait construire la synagogue de cette cité.
Une ancienne borne militaire trouvée en 1975 près des ruines de Capharnaüm porte les noms de plusieurs citoyens romains. Bien qu'en partie illisible, cette pierre atteste d'une présence romaine en ce point qui contrôlait la route principale vers Damas.





Les ruines de la synagogue de Capharnaum. Datant du IVe s.(thirdsermon.blogspot.com).


Vestiges de l'église recouvrant la maison de l'apôtre Pierre
 à Capharnaum. Jésus y aurait accompli deux miracles

(greatcommission.com).



Les restes d'un antique bâtiment prestigieux se dressent encore dans la plaine, constitué de hautes colonnes de calcaire blanc et d'un seul pan de mur, qui tiennent sur une vaste terrasse dallée. Les parois et les chapiteaux des piliers sont ornés de nombreux motifs sculptés évoquant la liturgie hébraïque : un chandelier à sept branches, l'Arche d'Alliance et plusieurs espèces d'animaux. Il s'agit visiblement des restes d'une synagogue dont la construction remonte au IVème siècle de notre ère.
La structure repose sur un soubassement de basalte noir, qui contraste avec la clarté du dallage en calcaire. Sa position surélevée suggéra aux fouilleurs qu'elle pouvait dissimuler un monument plus ancien construit en-dessous. C'est ce que l'équipe du père Corbo tenta de révéler à partir de 1969, en retirant une partie du dallage de la terrasse. On exhuma en effet de vieux murs d'habitations et une seconde cour qui semblait appartenir à un monument public. Il s'agissait vraisemblablement d'une autre synagogue plus ancienne. Celle-ci fut datée du Ier siècle de l'ère chrétienne, ce qui permit de l'identifier à celle que Jésus devait fréquenter lorsqu'il séjournait à Capharnaüm.
 



Graffiti trouvés dans la maison de l'apôtre Pierre,
 sur des restes d'un ancien revêtement de murs.
(198.62.75.1/www1/terras)
  

Reconstitution de la maison de Pierre à Capharnaum.
(christiananswers.net)


 

Une autre découverte d'importance majeure a été faite à une trentaine mètres au sud de la synagogue. Au milieu des ruines d'anciennes habitations, la base d'une petite église byzantine du IVème siècle furent mise au jour, curieusement disposée selon un plan en deux octogones concentriques. Sous cette structure se trouvaient les restes d'une simple habitation, qui portait les traces explicites d'un christianisme primitif. Plusieurs graffiti inscrits sur les restes des murs portent en effet les noms de Jésus et de Pierre, ainsi que les mots "Messie""Seigneur""Dieu", de même que des dessins de croix, de navires et de poissons.
Les moines qui ont examiné ces précieuses inscriptions ont fait un rapprochement avec le contenu d'un document littéraire susceptible de se rapporter à ce site. C'est le récit de voyage de la pèlerine Egérie (IVème siècle), qui nous apprend que : "A Capharnaüm, la maison du prince des apôtres (Pierre) est devenue une église. Les murs sont restés jusqu'aujourd'hui tels qu'ils étaient". Il est possible que ce texte concerne la maison aux graffiti, puisqu'une église paléochrétienne de l'époque d'Egérie lui est superposée. Ces éléments menèrent à la conclusion que cette maison n'était autre que la demeure de saint Pierre, et que Jésus-Christ lui-même avait vécu dans cette habitation.
            Depuis la découverte de la "maison de Pierre", les vestiges de Capharnaüm sont redevenus un lieu de pèlerinage. Juste au-dessus des fouilles a été récemment construit un bâtiment contemporain surélevé, dont le plancher partiellement vitré offre de l'intérieur une vue sur les anciens murs. 

Tibériade

            Sur les rives du lac auquel elle a donné son nom, la ville de Tibériade fut fondée vers l'an 26 de notre ère par le tétrarque Hérode Antipas, pour honorer l'empereur romain alors en place. Elle est citée une fois dans l'évangile de Jean (6, 23) alors que Jésus parcourt la Galilée et la région du lac. Il n'est pas précisé si Jésus s'est rendu à Tibériade. Cependant, les ruines de cette cité ont réservé aux archéologues de belles surprises.
Bien identifiée sur la rive occidentale du lac (appelé également lac de Génésareth, ou mer de Galilée), elle est entourée d'une muraille du VIème siècle d'une longueur exceptionnelle, qui escalade les pentes escarpées du mont Bérénice en inclant le sommet dans son périmètre. Ce point culminant a été fouillé en 1990 par Yizhar Hischfeld, du Département des Antiquités d'Israël, qui cherchait alors le palais de la reine Bérénice de Judée. Au lieu d'un palais, c'est en fait un important complexe ecclésiastique et une superbe basilique qui l'attendaient. L'église byzantine du VIème siècle qu'il dégagea était entourée d'une vaste cour et de nombreuses salles aux sols couverts de mosaïques. Les splendides sols multicolores représentaient des oiseaux, des plantes et des motifs géométriques. Les fouilleurs se demandaient ce qui avait pu justifier la construction d'un tel complexe en un tel lieu, lorsqu'ils constatèrent qu'il dissimulait un objet inhabituel.






Ancre de pierre trouvée sous un autel byzantin à Tibériade
(mfa.gov.il).



Sous la base de l'autel principal de la basilique, une plaque de marbre attira l'attention des chercheurs. En la soulevant, ils virent apparaître une fosse contenant une grande pierre taillée d'une manière particulière. Longue de un mètre, sa base était grossièrement taillée en pointe et son centre était percé d'un trou biconique. A quel usage cet objet était-il destiné ? De toute évidence, cette pierre était une ancre de navire. C'est son emplacement qui est le plus surprenant. Pourquoi une ancre était-elle enterrée sous l'autel de cette église ? Si l'on sait que les chrétiens placent parfois des reliques sous leurs autels, on peut supposer que cette ancre en était une. La proximité du lac de Tibériade permet d'envisager un lien avec une barque qui servit à Jésus ou à ses proches. Cependant, si cette ancre a la forme de celles des barques du Ier siècle, sa taille est en revanche nettement supérieure ; elle correspondrait plutôt à une ancre plus ancienne de quelques siècles. L' "église à l'ancre" n'a pas fourni davantage d'explications.

Gennésareth

           Une belle opération d'archéologie de sauvetage fut réalisée à la faveur d'une forte sécheresse, qui marqua l'année 1986 et qui provoqua une baisse exceptionnelle du niveau du lac de Tibériade. Ce fut pour deux pêcheurs israéliens l'occasion de réaliser un vieux rêve.
Les frères Yuval et Moshe Lufan habitaient le village de Kibboutz Ginosar, un port de pêche implanté sur la rive nord-ouest du lac. Ils pratiquaient occasionnellement l'archéologie en amateurs dans l'espoir de découvrir quelque vestige ou épave antique. Ils arpentaient les berges semi-asséchées du lac, lorsqu'ils distinguèrent les contours d'un objet ovale ayant la forme d'une barque qui affleurait dans la boue. En grattant le sable ils virent que l'objet était fait de bois vermoulu. Petite coïncidence, l'instant de la découverte s'accompagna d'un phénomène naturel extrêmement rare : un arc-en-ciel lunaire ...
L'existence de l'épave fut signalée au professeur Shelley Wachsmann, spécialiste d'archéologie sous-marine au Département des Antiquités d'Israël. L'expert l'examina et confirma qu'elle semblait très ancienne et qu'elle justifiait un sauvetage. On décida d'extraire l'objet de la boue, entreprise à la fois délicate et urgente avant la remontée des eaux. Une méthode adaptée à la situation fut définie, et l'opération fut menée promptement durant onze jours et onze nuits avec la participation active des villageois.
La méthode consista à créer d'abord une digue d'assèchement, qui permit d'évacuer manuellement la glaise entourant le navire. Puis l'épave fut conditionnée dans une enveloppe de mousse polyuréthane, remise à l'eau ainsi empaquetée et remorquée jusqu'au port de Gennésareth. Arrivé à bon port, le vieux navire fut délivré de sa mousse et plongé dans un bain chimique soigneusement contrôlé. Le traitement avait pour but de remplacer progressivement l'eau imprégnant le bois par de la cire synthétique. L'épave demeura ainsi immergée pendant une durée de sept ans. Ce processus terminé, l'objet fut empaqueté de nouveau et emporté par une grue jusqu'à son lieu de conservation définitif, c'est-à-dire dans le musée Ygal Allon de Kibboutz Ginosar créé pour l'occasion.

 



Une barque datant du premier siècle trouvée près de Gennésareth
(
fourquestions.us
).






L'examen détaillé du navire révéla que c'était un voilier de pêche d'époque romaine. Mesurant plus de huit mètres, il fut construit avec des matériaux de réemploi fixés avec des tenons et des mortaises, et avait subi plusieurs réparations avec des bois d'essences différentes. Le lieu de sa découverte était jonché de clous et d'attaches métalliques, et la coque contenait une petite lampe à huile. Le professeur Richard Steffy, de l'Université du Texas, estima son âge, d'après les techniques employées, à une période comprise entre le Ier siècle avant et le second siècle après J.-C.. Des analyses au carbone 14 complétèrent la datation en donnant une fourchette de 50 avant à 75 après J.-C.
Le navire est désormais l'une des épaves les mieux conservées de cette époque. C'est probablement un navire de ce type qu'utilisèrent Jésus et ses apôtres, ce qui a rendu cet objet célèbre sous le nom de "barque de Jésus".


Le puits de Jacob - la Samaritaine

            Tout voyageur qui se rend par voie terrestre de Judée en Galilée est obligé de traverser la région de Samarie. Si l'on remonte à l'Ancien Testament, les habitants de la Samarie étaient les héritiers de l'ancien royaume du Nord qui avait fait sécession à la mort du roi Salomon. Cette séparation avait laissé dans les esprits une forte animosité. Les Samaritains construisirent même leur propre Temple sur le mont Garizim, ce qui fut une source supplémentaire de différend. Bien que majoritairement déplacée sous la domination assyrienne, la petite communauté des Samaritains subsiste encore aujourd'hui, et a conservé sur place ses rites propres issus de leurs origines hébraïques, toujours pratiqués après trois millénaires.
            Jésus traversa la Samarie à plusieurs reprises pour se rendre en Galilée. Le regard qu'il portait sur ses habitants était différent de celui des autres Juifs, comme le montre l'évangile de la femme samaritaine avec laquelle Jésus entra en conversation au bord d'un puits (Jn. 3). Celle-ci s'étonna d'abord qu'il daigne lui parler, puis réalisa sa qualité de prophète lorsqu'il devina sa vie privée. Lorsqu'elle lui demande de quelle montagne le culte devait être rendu, Jésus répondit de manière sibylline : "En esprit et en vérité". Entendant qu'il était le messie, elle retourna hâtivement en informer les habitants de la ville.
L'évangile précise en outre que ce puits avait jadis appartenu au patriarche Jacob, et que son fils Joseph y avait été enterré au retour d'Egypte (Gn. 34 ; Js. 24, 32).



  

Le puits de Jacob vers 1900(godrules.net).


Le puits de Jacob aujourd'hui

(atlastours.net
).




Non loin de Sichem en Samarie, il existe un "puits de Jacob" que la tradition locale rattache aux récits des deux Testaments. Les premières fouilles furent effectuées en 1893 sur le site du puits. Il est permis de rapprocher ce puits de celui de l'évangile, si l'on tient compte de plusieurs éléments. Le point d'eau semble d'abord très ancien et daterait de plusieurs siècles avant l'ère chrétienne. De plus, dans sa conversation avec Jésus la Samaritaine désigne une montagne sacrée toute proche ; or le puits de Jacob traditionnel se trouve précisément au pied du mont Garizim. La Samaritaine précise également que le puits est profond, ce qui est le cas de celui-ci qui descend à 46 mètres. Ces caractéristiques correspondent bien aux indications des textes bibliques.
L'histoire du puits de Jacob durant les siècles suivants est assez bien documentée. Au IVème siècle de notre ère, les Byzantins élevèrent au-dessus du puits une petite église grecque en forme de croix. Elle fut rasée au IXème, puis remplacée par une autre en 1150, qui se dégrada. Les moines orthodoxes grecs firent l'acquisition du site en 1860, et entamèrent une nouvelle construction qui resta inachevée. Ce n'est qu'en 2007 que fut menée à son terme la construction d'une église moderne de grandes dimensions. Si l'on descend aujourd'hui dans la crypte de ce vaste sanctuaire, on peut encore s'asseoir comme le fit le Christ sur la margelle du vénérable puits.


La montagne de la Multiplication des pains

            L'un des miracles les plus célèbres semble s'être déroulé en un lieu aujourd'hui marqué par une pierre désignant l'endroit exact où il se produisit. Jésus acompagné par la foule s'était éloigné de toute habitation, et la journée était bien avancée lorsque les apôtres soulevèrent le problème du ravitaillement. La foule qui avait suivi Jésus était innombrable, au moins cinq mille personnes est-il écrit. Il prit alors les seuls cinq pains et deux poissons qu'on avait trouvés et les fit distribuer au peuple, qui en reçut en quantité plus que suffisante.
        Les indications géographiques données quant au lieu du miracle sont assez floues. La multiplication des pains se serait déroulée "de l'autre côté de la mer de Galilée, de Tibériade". Il est également précisé qu' "Il les prit alors avec lui en direction d'une ville appelée Bethsaïde", qu' "Ils partirent donc en barque pour gagner un lieu solitaire, isolé" et qu' "Il y avait en cet endroit beaucoup d'herbe". Le souvenir du lieu a été perdu au VIIème siècle, lorsque le pays fut dévasté par l'invasion perse. Sa redécouverte fut possible des siècles plus tard grâce aux écrits de la pèlerine Egérie, une voyageuse espagnole du IVème siècle. Son témoignage décrit le lieu du miracle comme un lieu verdoyant placé en bordure du lac :
"Dans ces lieux-mêmes (non loin de Capharnaüm), face à la mer de Galilée, est une terre où l'eau abonde, où pousse une végétation luxuriante, aux nombreux arbres et palmiers. A proximité se trouvent sept sources qui fournissent de l'eau en abondance. Dans ce jardin fertile Jésus nourrit cinq mille personnes avec cinq pains et deux poissons. La pierre sur laquelle le Seigneur déposa le pain devint un autel. Les nombreux pèlerins venus sur le site la brisèrent en pièces pour soigner leurs maux."
Cette description pourrait correspondre à un lieu-dit appelé Tabgha, une vallée fertile située sur la rive nord-ouest du lac entre Capharnaüm et Magdala, et arrosée par plusieurs sources. Le nom de Tabgha est peut-être une déformation arabe du mot grec Heptapegon qui signifie "sept sources".
 





Le site de Tabgha. Vue aérienne
(fectio.org.uk).
       


Le terrain de Tabgha fut acquis en 1888 par la Deutsche Katholische Palestinamission, qui avait l'intention d'y entreprendre des fouilles. En 1932, ce furent les archéologues allemands Mader et Schneider qui s'attelèrent à cette tâche. Ils ne furent pas déçus, car les bases d'une splendide église byzantine du Vème siècle se révélèrent à eux. Le monument intégrait une magnifique mosaïque qui recouvrait tout le sol de la nef. Cette oeuvre exceptionnelle représentait un environnement fluvial et marécageux plein de bonheur, avec diverses espèces d'oiseaux et de plantes aquatiques.
Juste devant l'autel, une image devenue célèbre montre une corbeille contenant cinq pains et entourée de deux poissons. Elle a permis d'identifier le lieu : c'est l'église des pains et des poissons, que l'on a reliée au récit biblique du miracle. Sous la table du même autel se trouve l'élément le plus important, un bloc de calcaire non taillé qui émerge au milieu de la mosaïque. Si la description d'Egérie est juste, il s'agit alors de la pierre sur laquelle Jésus aurait déposé le pain au moment de sa multiplication ...
 



 
Sous l'autel de l'église de Tabgha, le rocher où Jésus aurait déposé le  pain multiplié
(atpm.com).

 

        Les fouilles de Tabgha révélèrent également que l'église byzantine du Vème siècle était construite sur les fondations d'un autre sanctuaire encore plus ancien, qui fut identifié comme une chapelle du IVème siècle. L'ensemble du site a été patiemment restauré, et son architecture antique même respectée, puisqu'en 1982 une église a été rebâtie sur les ruines de celle du Vème siècle, selon un plan autant que possible conforme à l'originale.



Mosaïque de Tabgha
(sacred-destinations.com).



Le mont de la Transfiguration

            Jésus se déplaça jusqu'à la région de Césarée de Philippe, dans le sud de la Syrie. Il gravit une haute montagne accompagné de trois de ses apôtres qui furent les témoins d'une vision surnaturelle. Devant eux son aspect physique changea soudain pour apparaître extrêmement lumineux. Deux autres personnages apparurent au cours de cette vision, identifiés aux anciens prophètes Moïse et Elie. Une voix céleste retentit et recommanda de faire confiance au Fils Bien-aimé (Mt. 17, 1 ; Mc. 9, 2).
Le nom de la montagne où se passa la Transfiguration n'est pas précisé, ce qui ne facilite pas son identification. On a longtemps situé cet épisode sur le mont Thabor, une colline haute de 600 mètres située au sud-ouest du lac de Tibériade. Cette position est défendue par certains textes anciens. Pourtant le mont Thabor est peu élevé et bien éloigné de la nordique Césarée de Philippe. La ville de Césarée de Philippe se trouve à cinquante kilomètres au nord du lac, et sur la rive est du Jourdain. De plus, le sommet du Thabor était au premier siècle occupé par un fort militaire.
En revanche, une autre montagne qui a davantage ses chances est la chaîne de l'Hermon, un massif situé encore plus au nord que Césarée et qui culmine à 2800 mètres. C'est plutôt dans ce lieu lointain et isolé que le phénomène se serait produit. Toujours est-il que la tradition a conservé le mont Thabor comme lieu supposé de l'évènement ; c'est sur le Thabor, plus facile d'accès pour les pélerins, qu'ont été construites plusieurs églises successives dont l'actuelle basilique de la Transfiguration.






Le mont Thabor, lieu supposé de la Transfiguration
(biblewalks.com).



            L'absence de certitude sur l'authenticité du lieu a cependant laissé de la place pour le rêve et l'imagination. Un pèlerin du Vème siècle plein d'inspiration eut un jour l'idée de concrétiser les paroles prononcées par Pierre pendant la vision :"Maître, il est heureux que nous soyons ici ; dressons donc trois tentes, une pour toi, une pour Moïse et une pour Elie". Trois sanctuaires byzantins furent par conséquent élevés sur le mont Thabor. Démolis et reconstruits plusieurs fois durant les siècles suivants, leurs restes sont aujourd'hui intégrés à l'actuelle basilique franciscaine de la Transfiguration bâtie en 1924. 
            Si l'on descend dans la crypte de la basilique, on peut admirer quatre magnifiques mosaïques représentant la vie du Christ. Les moines franciscains aiment à dire que par beau temps, les rayons solaires filtrent à travers les vitraux et jouent avec les couleurs des mosaïques, produisant des effets merveilleux en souvenir de la luminosité du Christ resplendissant.











Références : 

[1] - Fr. S. Loffreda  : "L'îlot sacré - La domus-Ecclesia". Franciscan Cyberspot (christusrex.org).
[2] - Y.Hirschfeld : "The Anchor Church at the Summit of Mt Berenice, Tiberias". The Biblical Archaeologist, vol. 57, No 3 (sept.1994).
[3] - "Tibériade . L'église à l'ancre". Israel Ministry of Foreign Affairs, 2/3/2000 (mfa.gov.il).
[4] - B. Pixner : "Searching for the New Testament Site of Bethsaida". The Biblical Archaeologist, Vol. 48, No 4 (dec. 1985).
[5] - G. Couturier : "Une barque sous le lac". Chronique du 21 novembre 2003 (interbible.org). 
[6] - G. Couturier : "Le puits de Jacob". Chronique du 21 septembre 2001 (interbible.org).
[7] - "Tabgha : l'église de la multiplication des pains et des poissons"Israel Ministry of Foreign Affairs, 2 mars 2000 (mfa.gov.il). 
[8] - B. Pixner : "The Miracle Church at Tabgha on the Sea of Galilee". The Biblical Archaeologist, vol. 48, No 4 (dec. 1985).
[9] - T. Bolen : "Mont Thabor" (biblelieux.com). 
[10] - M. Piccirillo : "The Mountain of the Transfiguration". Franciscan Cyberspot (christusrex.org).
[11] - Fr. S. Loffreda  : "Capharnaüm, the town of Jesus". Franciscan Cyberspot (christusrex.org).
[12] - Jesus boat Museum (jesusboatmuseum.com).
[13] - D.G. Hansen : "Shechem : its archaeological and contextual significance"Bible and Spade, spring 2005 (biblearchaeology.org).
[14] - E. Alliata : "Mount Ephraim and Benjamin. 41. Here is Jacob's well". Franciscan Cyberspot, dec. 19, 2000 (christusrex.org). 








La suite : Le ministère de Jésus à Jérusalem