Translate

mercredi 13 avril 2016

بحث عن مزار سيدة المنطرة


مزار سيدة المنطرة - مغدوشة- صيدا

على دروب الايمان مع يسوع وأمه مريم في جنوب لبنان  
جوزف خريش - ك٢- ٢٠١٦

تحتل بلدة مغدوشة في جنوب لبنان ، وفيها مقام  "سيدة المنطرة" ، مكانة مرموقة في مسار  الرحلات التي  قام بها السيد المسيح خلال حياته على الارض ، في  السنوات الثلاث الاولى من البشارة المسيحية .
كما تبدو الزيارة التي قام بها السيد المسيح الى منطقة صيدا ، مصطحبا معه عددا من الرسل وامه السيدة العذراء مريم ، من بين  اكثر المحطات التي تدعم حدوثها التاريخي نصوص انجيلية ومرويات وتقاليد  عبر القرون. 
لذلك  فإن هذا المقام يستحق من الجميع كل الاهتمام الكنسي والثقافي ،الوطني منه والعالمي، ليكون في طليعة المواقع السياحة الدينية في لبنان والاراضي المقدسة ، ومنها بنوع خاص ما يعنينا في  جنوب لبنان .

تحاول هذه الورقة وضع  خطوط اولى ترمي الى :

١- تأكيد الاساس  التاريخي والبيبلي للموقع  
٢- التعريف بواقع المزار والمراحل التي مر بها   
٣- الرسالة المريمية الروحية  للمزار
٤- الخدمات الدينية التي يقدمها المزار الى المؤمنين 

١-  الاساس  التاريخي والبيبلي للموقع :
- إن  مرور السيد المسيح ورسله في صيدا وجوارها ثابت في النص الانجيلي بدليل ما جاء فيه : " ثم خرج من تخوم صور ومر في صيدا " (مرقس  ٧/ ٣١  ومتى ٢١/١٥- ٢٩ )  كما هي ثابتة ايضا إقامة بولس الرسول في كل من صور وصيدا بضعة أيام : " مكثنا هناك سبعة ايام "( اعمال الرسل ٢١ / ١-٧ )  و "أقبلنا الى صيدا فعامل يوليوس (الضابط الروماني) بولس بالرفق وأذن له ان يذهب الى اصدقائه (الصيداويين) ليحصل على عناية منهم " ( أعمال الرسل ٢٧/ ٣ ).

  - الى النص الانجيلي الذي يشير الى صيدا وجوارها يضاف تقليد قديم اشارت اليه القديسة ميلاني منذ القرن الرابع ( 343-410 ) بقولها انها رأت في صيدا بيت المرأة الكنعانية  التي شفى السيد المسيح ابنتها  ( مرقس  ٧/ ٢٤ ؛ متى١٥/ ٢١) ، وقد تحول هذا البيت، مع الزمن، الى كنيسة مكرّسة على اسم القديس الشهيد فوقا من بداية القرن الرابع (٣٠٣) . ( راجع حياة المسيح في لبنان ، بطرس ضو، ص ٢٦٥)

- في العهد الصليبي كان التقليد لا يزال يشير الى وجود حجر مرصوف في حنية كنيسة دأب المؤمنون على تكريمه، اعتقاداً منهم ان السيد المسيح كان يجلس عليه عندما كان يعلم الناس في صيدا في كل مرة كان يتردد اليها . (المرجع نفسه، ص ٢٦٨)  

- تناقل الكثير من الحجاج بعد الحروب الافرنجية ، ارتقاءًٍ في الزمن الى حقب  تاريخية سابقة، ذكرياتهم ومشاهداتهم حول المعالم الاثرية المتعلقة بزيارة السيد المسيح الى صيدا وجوارها . ففي القرن السابع عشر يذكر احد الحجاج الأوروبيين، لدى مروره فيها انه زار كنيسة المرأة الكنعانية في حي " الكنان" . قد تكون هذه التسمية  تحريفا لكلمة "كنعان"، في إشارة الى المرأة  "الكنعانية" التي شفى المسبح ابنتها وامتدح  ايمانها العظيم (متى ١٥/ ٢١-٢٢)   . الكنيسة المشار اليها كانت  تقع قرب الموقع الذي اصبح لاحقاً كنيسة مار نقولا الصغيرة وكاتدرائية الروم الكاثوليك. (راجع مقام سيدة المنطرة، الأرشمندريت سابا داغر، ص ١٣ سنة ٢٠٠٣ ). هذه الكنيسة هي اليوم موضع اهتمام من السياحة اللبنانية ومحبّي التراث  اللبناني لتتحول الى متحف للإيقونات.


٢- التعريف بواقع المزار  ومحطات من تاريخه واعادة ترميمه 

يقع مزار سيّدة المنطرة في بلدة مغدوشة ، على تلة ترتفع ١٥٠ مترا عن سطح البحر  بعد  ٥ كلم جنوبي شرقي مدينة صيدا. يمكن الوصول اليه من مدخل صيدا الشمالي عبر الطريق البحرية ثم الإلتفاف شرقا جنوبي صيدا عبر جسر سينيق ، او من مدخل صيدا الشمالي ومن ثم سلوك  البولفار الشرقي، الى مفرق  صغير يقع على بعد ٧٥ متراً من جنوبي سوق الخضار  (الحسبة)
 
* في المرويات حول تاريخ الموقع أنه في  سنة ١٧٢١،  وفيما كان أحد الرعاة يسهر على قطيعه فوق هضبة مغدوشة، سقط جَدْيٌ في حفرة عميقة. حاول انقاذه و لكنه واجه صعوبة للوصول  إليه  . وبعد عناء طويل، وجد في الموقع باباً ضيقاً فدخل منه زاحفاً أوصله إلى مكان حيث رأى صورة للعذراء موضوعة على مذبح صخري محفور داخل المغارة. أسرع الراعي وأخبر أهل البلدة وكاهن الرعية، الذي أخبر بدوره المطران اغناطيوس البيروتي، راعي أبرشية صيدا للروم الكاثوليك. حينها تمَّ التحقّق من المكان، وتبيّن أن أيقونة السيدة العذراء الموجودة في المكان تعود للقرون الأولى للمسيحية . وثبُتَ أنَّ جذور هذا المكان تمتد إلى بدايات ظهور المسيحية. لم يكن خافيا عليهم  أن المسيح قد بشّر في نواحي صور وصيدا ، وأن مريم كانت رفيقة درب البشارة . في  تلك  الظروف كانت مريم تنتظر يسوع في أماكن معزولة نسبياً عن المدن، لأن التقاليد كانت تفرض على  المرأة اليهودية ان لا  تختلط  بسهولة بمجتمع الرجال الوثنيين . لذلك يرجّح التقليد أن تكون العذراء قد انتظرت يسوع هناك ، وتحديدًا في مغارة بالقرب من صيدا حيث كانت تمر الطريق الرومانية المؤدية إلى المدينة. لكن بمرور الزمن  وتعاقب الحروب  اختفت معالم المغارة . وحين عاد المسيحيون إلى المنطقة في القرن السابع عشر في ظل الامارة اللبنانية  ، كانت المغارة لا تزال في ذاكرة المسيحيين. لذا، وعند اكتشاف المغارة، تعرّفت السلطة الكنسية إليها كمغارة "المنطرة"، أي الموقع الذي كانت  مريم ام يسوع  قد انتظرته هناك وواكبته بصلاتها، فعاد المكان إلى دوره ورسالته محجا للمؤمنين. 
* في سنة ١٨٦٠، تملّكت المكان كنيسة  الروم الملكيين الكاثوليك، وجددته  مزارًا يليق بالسيدة العذراء. وقد رافق  تكريس المكان مزاراً توافد المؤمنين  اليه بأعداد كبيرة  وحدوث ظواهر  عجائبية ، فعرفت بعد ذلك ب "مغارة سيدة المنطرة العجائبية".
*  في سنة ١٨٦٨ ، وعلى أثر شفاء قنصل بريطانيا في صيدا السيد جاك أبيلا من داء عضال  بعد زيارة حج قام بها الى المكان طالبا شفاعة العذراء مريم  ، بنى في الموقع قناطر فنية على مدخل المغارة ، شكراً منه للسيدة العذراء على نعمة الشفاء التي نالها بشفاعتها  .
* بين عامي  ١٩٤٧ و١٩٦٣ ، ومع انتشار  شهرة المزار ، انطلق مشروع  توسيعه مع المطران باسيليوس خوري الذي خطط لبناء برج عال قرب المغارة العجائبية بارتفاع ٢٩ مترا . واستقدم له  تمثالا برونزيا من ايطاليا يزن ٦ طن ويرتفع ٨ أمتار. ورُفع التمثال على البرج وسط احتفالات دينية وشعبية.
* بين الاعوام  ١٩٧٥ و١٩٨٦ ، خلال الحرب اللبنانية، تَعَرَّضَ التمثال إلى تشوُّهات كثيرة ، جرّاء المعارك التي شهدتها المنطقة، فشرع المطران جورج كويتر بترميمه وبترميم الكابيلا في أسفل البرج أيضاً حيث وضعت لوحة زيتية تمثّل العذراء الجالسة عند مدخل المغارة، وفي الأسفل لوحة للسيد المسيح يظهر فيها وهو يضع يده على رأس ابنة الكنعانية  ( مرقس  ٧/ ٢٤ ؛ متى١٥/ ٢١)   . وفي الجانب الأيمن، صورة يظهر فيها الراعي الذي اكتشف المغارة  وهو يحمل على كتفيه الجدي الذي كان قد سقط فيها .
ً* عام  ١٩٩٩أنشئ  في قطعة الارض المحيطة بالمقام "درب المزار" ، وهو كناية عن ١٠ محطّات موزعة  على مسافة ٣٠٠ متر ، يزيّن كل منها مشهد منحوت على لوحة حجرية يمثل حدثاً من احداث  الكتاب المقدس التي جرت  في لبنان.   
* في تاريخ لاحق أضيفت  إلى هذه المحطات محطتان . الأولى منها تحمل رسوم بعض القديسين اللبنانيين المعاصرين ،  تأكيدا على  أنّ لبنان هو "أرض مقدسة  وارض قداسة وقديسين" ، كما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني اثناء زيارته الى لبنان في ايار ١٩٩٧ . والمحطة الثانية، تحمل خريطة لبنان وصورة البابا يوحنا بولس الثاني مع كلمته الشهيرة  التي أطلقها سنة 1989: "لبنان هو أكثر من بلد، لبنان رسالة".
وإلى جانب هذا الدرب، فرضت ظروف المقام  إنشاء بازيليك كبيرة  تتسع لـ1200 مقعد . بوشر العمل بإنشائها منذ سنوات .وهي  لا تزال قيد الإنجاز. يعمل  راعي الأبرشية الحالي  المطران إيلي بشارة الحداد بغيرة متّقدة على إكمال هذا المشروع ببركة العذراء وسخاء المتبرعين . تشكل  هذه البازيليك تحفة جميلة بموقعها وهندستها وأيقوناتها المصنوعة من الموزاييك في إيطاليا . وفي أسفل البازيليك  ثلاثة طوابق  تضم  موتيل ومكاتب وقاعات ستكون مجهزة  لخدمة الزوار ، مسيحيين وغير مسيحيين ممن يقصدون مزار   "سيدة المنطرة" من لبنان ومن مختلف البلدان  المجاورة  ومن كل أنحاء العالم، ملتمسين شفاعة " سيدة الانتظار" وبركاتها .

٣-  الرسالة المريمية الروحية  للمزار
ينقلنا مزار "سيّدة المنطرة" إلى شخصيّة مريم المتواضعة والمنتظرة، كما الى شخصيّة الأمّ المرافقة لابنها والمعتنية به. كانت مريم الرفيق الدائم ليسوع في رحلاته التبشيريّة مع تلاميذه الذين تركوا عائلاتهم  متخلّين عن  كل شيء ليتبعوه . كانت مريم ترافقهم وتساعدهم في الحاجات اليومية  . ومن يهتم بيسوع أكثر من أمه؟ هي التي قالت منذ البدء: "ها أنا أمة الرب" . همها الاول  أن ترى الملكوت ينمو يوماً بعد يوم، وان تتحقق  مشيئة  الآب السماوي " كما في  السماء كذلك على الارض" . 
تمثّل مغارة المنطرة علامة واقعية  على أن مريم رافقت يسوع في أسفاره، فشاركته حمل البشارة وخدمته ، على غرار  "النسوة الحكيمات"  اللواتي رافقن العريس  في المثل الانجيلي ( متى ١٨ / ٢٣- ٣٥ ) وسهرن  على أن تبقى مصابيحهن مضاءة   . الى ذلك تكشف  "المنطرة"  عن وجه مريمي آخر يبحث عن يسوع في كل شيء. إنها العذراء التي تبذل  نفسها لمجد الرب في كل حين . انها الحبيبة الدائمة  الحضور حتى عند أقدام الصليب. انها الجندية المجهولة التي تصفها المدائح في الطقس البيزنطي بالقائدة القاهرة ، المرافقة  للمعلم ورسله في الظل ، خادمة للبشارة ، مقدمة  نفسها المتواضعة  بخوراً مرضياً لدى الآب، ومقدمة ذاتها سندا  لمن "ليس له موقع يسند اليه رأسه" (لو ٩/ ٥٨) . إنها مريم المباركة التي تطوبها جميع الاجيال ، المبتهجة بالمخلص  ،  ( لوقا  : ١/ ٤٦-٥٤ ) ، الوسيطة  التي طلبت إلى يسوع في عرس قانا الجليل  أن يعطي أهل العرس خمراً بعد أن لاحظت نفاذه على مائدتهم ، فبادرت بالطلب  إلى الخدم قائلة  : "مهما قال لكم فافعلوه" (يو ٢ / ٥ ) . كأننا بها  في خلال فترة انتظارها في المغارة تواكب عمل الرب بطريقتين : من جهة، تتوسل مريم لله أن يمنح بني البشر  الفرح الذي ينقصهم . ومن جهة أخرى، ترفع صلاتها لأجل الناس كي لا يُصدوا اذانهم عن سماع  البشارة فيعملوا ما يأمر به السيد. ها هي وساطة مريم، في اطار تلة مغدوشة ومغارتها ، تختزن  سرّها ، كما اختزنته من قبل في  مغارة بيت لحم . تستذكر مريم بداية حكاية الخلاص يوم الميلاد،  وتصلي  لكي تتم الولادة الثانية الروحية للجميع ، بقبولهم البشارة  الجديدة .
 تلك هي مريم الأمَةُ  ( الخادمة ) والأم ورمز الأمّة ( الكنيسة الجامعة)   ، المنتظرة ، التي تغنى بها الانبياء برموز متنوعة ."قومي استنيري فان نورك قد وافى، ومجد الرب اشرق عليك. .. عليك يشرق الرب ويتراءى عليك مجده. فتسير الأمم في نورك ... كلهم قد اجتمعوا واتوا اليك.. مجد لبنان يأتي اليك " اشعيا ٦٠ / ١ - ١٣ ) . ها هي ترتفع  بأمر من الله فوق سماء جنوب لبنان، فلم تعد متوارية ضمن جدران مغارة  ، بل اصبحت منارة تضيئ دروب كل من يبحثون  عن بر الامان . منارة على رأس برج مغدوشة، تضيء درب الرب فوق صيدا ونواحيها. 
بتسليطه الضوء على وجه مريم المنتظرة، يعلّمنا  مزار سيدة المنطرة ايضا معنى الانتظار الذي تكلم عنه المزمور: "انتظار الرقباء للصبح والحراس للفجر ... " (مز ١٢٩ /٦ )  ، فكما أن الحارس ينتظر الفجر بفارغ الصبر فيبقى، من دون أن ينام، متيقظا  لئلاّ يأتي السارق في ساعة متقدمة من الليل فيستبيح أملاكه وعرضه، كذلك المؤمن ينتظر خلاص الرب من دون أن يستسلم لنعاس الروح، فيبقى متنبهاً لئلاّ تأخذه مغريات العالم فتسلبه نصيبه الأعظم، يسوع المسيح. 
هذا ما تعلمنا إياه سيدة المنطرة: انتظار الملكوت بفرح وسلام، وانتظار مرور عواصف هذا الدهر بهدوء وطمأنينة. هذا الانتظار يعيشه كل مؤمن خصوصاً في زمن المحنة.  ونعمة الانتصار في الانتظار تعطيها سيدة المنطرة لكل زوارها الذين يسألونها التدخل في حياتهم، عبر تضرّعها إلى ابنها لكي يجترح المعجزات ويحوّل الماء خمراً، فتتحول حياتهم في وادي الدموع إلى فرحٍ يتّسم به أهل الملكوت. هذا الوجه من حياة المسيحي الحق تعكسه سيدة المنطرة بعلاقتها مع زوارها.
يظهر  هذا الوجه جلياً في تميز هذا المكان بنعمة انجاب البنين، لمن وجد صعوبة في هذا المجال. وكم من كلمات شكر مدونة في كتاب الزوار على نعمة البنين الذين ولدوا بمعونة سيدة مغدوشة بعد أن عجز الطب عن المساعدة . وكم من معجزات وشفاءات روحية وجسدية  مرفقة بالشكر لوالدة الاله يدونها  في سجل خاص   مؤمنون  من مختلف الاديان والمذاهب  . "سيدة المنطرة"  علامة في الأرض على دور مريم من السماء، وعلى تدخلها  في حياة البشر لكي بشفاعتها نبصر النور وننال الحياة. 

٤- الخدمات الدينية التي يقدمها المزار الى المؤمنين 
- في فترة الصيف، يُقام كل يوم  قداس مسائي في المزار عند الساعة السادسة مساء . أما في الآحاد والأعياد، فتُقام قداديس في الصباح والمساء، ويؤمّن كاهن المزار للزوار القداسات خلال النهار للراغبين . كما ويؤمّن لهم الاعترافات للتوبة  عن خطاياهم. علماً ان في المزار نعمةًًِ خاصة لمن يطلب التوبة حيث يختبر التائب ليس فقط سلامه الداخلي ، بل أيضاً فرح مريم الأم ، لأن البشارة التي حملها يسوع وانتظرته مريم  خلال ايصالها للناس تكون قد أثمرت فعلاً، وتفرح معها السماء والأرض . كما أنّ المزار يؤمّن للمؤمنين سائر الخدم الروحية من صلوات وإرشادات ولقاءات ، والرتب المقدسة لا سيما منها العماد والزواج . 
- أما عيد ميلاد السيدة العذراء في ٨ أيلول، فله طابع خاص في سيدة المنطرة،كما في بلدة مغدوشة التي يقام فيها التراث التقليدي في كل  سنة والمعروف ب"كروم الشمس" . ويدوم أياماً عديدة يقصده الناس من كل الأنحاء .  في المزار  تتواصل  الاحتفالات الروحية المتنوعة  على مدى 8 أيام متتالية ، يشارك فيها جمهور المؤمنين من كل المناطق اللبنانية،  وهي تتّسم بالخشوع والصلاة، للتذكير بأن المنطرة تقودنا إلى يسوع . أما مساء العيد  ٧ ايلول ، فتصل الإحتفالات الى ذروتها ، حيث تقام صلاة الغروب في كنيسة رعية السيدة في مغدوشة لينطلق منها موكب المؤمنين بالمشاعل في زياح حاشد أشبه بالمهرجان الكبير الى مزار السيدة ، و يترأّس راعي الأبرشية القداس الاحتفا . تستمر  الصلوت طوال الليل بحضور عدد كبير من الكهنة يؤمّنون الاعترافات والقداديس. 
وفي يوم العيد  تستمر القداديس  طوال النهار. درجت العادة أن تلي القداس المسائي رتبة مسحة الزيت على نية المرضى، مع زياح ايقونة  السيدة  العذراء.

اخيرا لا بد من الاشارة الى تعاظم رسالة مزار "سيدة  المنطرة" ، في موازاة تنامي الوعي لدى جميع العائلات الروحية اللبنانية بالقيم الوطنية المشتركة في ما بينهم  ، خصوصا بعد ان اعلنت الدولة اللبنانية يوم الخامس والعشرين من اذار عيدا وطنيا جامعا ، تحت عنوان " بشارة السيدة مريم العذراء "،  (المرسوم الحكومي اللبناني رقم ١٥٢١٥ الصادر بتاريخ  ١٥/٩/٢٠٠٥) ،  ما يعزز ضمنا ذكرى  زيارة السيد المسيح الى منطقة صور وصيدا برفقة عدد من الرسل والتلاميذ  وامه السيدة  مريم  العذراء التي هي موضع تكريم خاص ومميز لدى أبناء الديانتين التوحيديتين  المسيحية والاسلام ،  كما أكدت ذلك تعاليم المجمع المسكوني  الفاتيكاني الثاني [وثيقة "في عصرنا" : Nostra  Aetate  ] ، وحيث من المتوقع ان يكون عيد البشارة مناسبة مميزة  للقاءات حوارية متنوعة  بين جميع اهل البيت  اللبناني الواحد حول كل ما يجمع بينهم ومما هو اعمق من الشؤون الدنيوية وحسب ، عنينا القيم الروحية والانسانية المشتركة  التي تمثلها شخصية " مريم المنتظرة " ، المؤمنة والخادمة والمباركة  "والممتلئة نعمة" .


JTK

Aucun commentaire: