Translate

dimanche 19 février 2017

شهيدات من لبنان

المسيحيون في الحبشة والجزيرة العربية قبل الاسلام،

المسيحيون في الحبشة والجزيرة العربية قبل الاسلام،  
ودور أبناء مدينة صور اللبنانية في تبشير تلك المناطق .  
دخلت المسيحية باكرا الى الجزيرة العربية ، كما تثبت الوقائع الواردة في الكتاب المقدس. 
يرد اسم العرب في سفر الاعمال ( ٢ / ١١ ) وفي رسالة بولس الى غلاطية  ( ١/ ١٥- ١٧ ). يرجح ان بولس الرسول لجأ الى الصحراء العربية  ، وان خازن ملكة الحبشة المذكور في سفر الاعمال ( ٨/ ٢٧- ٣٨ ) بشر في اليمن قبل ان يستشهد . يذكر أوسابيوس القيصري مؤسس التاريخ الكنسي ( ٥ و ١٠ ) ان رئيس مدرسة الاسكندرية بانتينوس علّم الاحباش مبادئ المسيحية بناء على طلب من بطريرك الاسكندرية . كانت المسيحية قد وصلت الى هناك على يد الرسول برتلماوس ، حاملا معه انجيل متى بالعبرية. وردت رواية اخرى عن انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية يذكرها روفينوس مفادها انه في عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير ( ٣١٢- ٣٣٧ ) قام بزيارة الهند ثلاثة أفراد من أبناء مدينة صور ، وهم الفيلسوف ميروبيوس واثنان من تلاميذه اسمهما فرومنتيوس وأيديسيوس، وذلك بدافع منهم الى حب الاستطلاع  . وفي طريق العودة توقفوا في مرفأ حيث اقدم لصوص على قتل ميروبيوس واقتياد تلميذيه الشابين الى ملك تلك البلاد . اعتبر الباحث غلامر  ان الملك المعني لم يكن سوى ملك حمير . ونظرا لمستواهما المعرفي عيٌن الاول  منهما قيما على   على خزانته والثاني خادما في حاشيته . ولما مات الملك طلبت الملكة إليهما ان يقوما برعاية ابنها ولي العهد آلى حين بلوغه السن القانونية   وتسلمه  الحكم . في هذه الأثناء قرر فرومنتيوس ان يقوم بالبحث عن بعض المسيحيين الذين بلغه عنهم انهم مشتتون في نواحي المملكة ، ولما وجدهم عاملهم بالحسنى وشيد لهم كنائس وأماكن للعبادة . بقي الصوريان  على هذه الحال الى حين تسلم ولي العهد السلطة فاستأذناه للعودة الى موطنهما في فينيقيا لبنان اليوم  . هناك رسم أيديسيوس  كاهنا ، حوالي ستة ٣٤٠ في حين عزم  فرومنتيوس على التوجه الى الاسكندرية ليطلع بطريركها، القديس اثناسيوس،   على أوضاع المسيحيين في المملكة التي عاشا فيها . فما كان من امر هذا الأخير الا ان  رسمه اسقفا وطلب اليه العودة الى المملكة عينها مصطحبا معه عددا من الكهنة لخدمة ابنائها المسيحيين . فشهدت كنيسة تلك البلاد ، على اثر ذلك ، نموا كبيرا .  


Envoyé de mon iPhone JTK 

samedi 11 février 2017

مواكب شهداء المسيحية.




Objet: مواكب شهداء المسيحية - 
Date: 7 février 2017JTK 
Joseph Khoreich 

موجات الاضطهاد ، في ضوء الدوافع والاسباب والقرارات الرسمية
" إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم"  (يوحنا 15/20)

منذ ايامها الاولى الى ايامنا الحاضرة تعرضت المسيحية ، ولا تزال تتعرض في مناطق عديدة من العالم ، الى الاضطهاد ومختلف اشكال المضايقات. تكشف مواقع المراقبة ومختلف وسائل الاعلام الحديثة عن أن المسيحية هي اليوم  الاكثر عرضة للاضطهاد  من بين الاديان ، ( راجع تقارير Les Portes Ouvertes   ) . فما هي الاسباب والدوافع ، وما هي بخاصة القرارات ، المراسيم والشرائع التي تأخذ بمضامينها  السلطات الرسمية ، المدنية والدينية ، لتبرير مواقفها المعادية من مواطنين لها ، طالما اكدت  تعاليمهم ومعاملاتهم وأخلاقياتهم على احترام السلطات والعيش بسلام مع الجميع ، ولا سيما بالنسبة لأبناء الأقليات المسيحية في العالم ، ومنهم على الأخص المسيحيون من أبناء المشرق الذين باتوا في وسط البيئات الاسلامية شبه غرباء في مهد المسيحية  وفي ارضهم الأم . في هذا الواقع الذي لا يبدو انه يحمل من جديد  ، وقياسا على مختلف مراحل تاريخ المسيحية  ، يجوز القول أنه قلما نجت فيه الجماعات المسيحية من ظاهرة الاضطهاد المرتكب بحق أبنائها المدنيين والعزّل ، وبالتالي من قلما نجت من ظاهرة الاستشهاد بالدم ، وغالبا لا لسبب الا لأنهم مختلفون . ولكن للموضوعية ينبغي القول أيضا  : إنه  بمقدار ما مورس من اضطهاد بحق المسيحية وأبنائها من قبل الآخرين مارس بعض رؤساء المسيحية وابنائها ، المدنيون منهم والكنسيون ، الاضطهاد بحق الآخرين أيضا، فتحوَلت المسيحية بفعل ممارساتهم  في محطات وحقب من التاريخ ، ( حرب الايقونات ، والحروب الصليبية ، وعصر حركات الاصلاح ،ومحاكم التفتيش ،  وخلال الحربين العالميتين )   من مجتمع مضطهد ( بصيغة المفعول ) يتلقى الضربات الى مجتمع مضطهد ( بصيغة الفاعل ) يسدد الضربات لغيره. وذلك خلافا لجوهر تعاليم الانجيل  الصريحة والناصعة : " أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ،.." ( لوقا 6/27).  "اعطوا ما لقيصر  لقيصر وما لله لله " ( متى : 22/17-22) ،  " أطيعوا مدبريكم " ( أفسس : 6/5-9) .فليس من المستغرب في ضوء ذلك والنقد الذاتي للتاريخ ان يستبق قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني زيارته التاريخية الى مصر والاراضي المقدسة وسوريا في مطلع الالفية الثالثة بإعلانه فعل اعتذار عن كل الخطايا والآلام التي تسببت بها حروب تم خوضها تحت "شعار الصليب" .
في هذا البحث الوجيز ليس من الممكن الاحاطة بجميع جوانب هذا الموضوع المتشعب والواسع . ألا انني سأتوقف على ظاهرة حملات الاضطهاد والاستشهاد التي تميزت بها القرون الاربعة الاولى من المسيحية ، وذلك في زمن سابق لأستيلاء  أهل السياسة والدفاع على ادارة شؤون المواطنين والمؤمنين الزمنية والدينية . كما قبل ان يستولي بعض رؤساء الكنيسة على شؤون الناس الدينية والدنيوية ، ضاربين  بعرض الحائط  بالمبدأ الايماني الذي يشكل جوهر الحياة المسيحية ' والقاضي بالفصل بين "ما هو لله وما هو لقيصر" . إنها حقبة من تاريخ المسيحية،  لا بل الانسانية بأجمعها ، من شأنها ان تقدم للقارىء المعاصر نموذجا عن مختلف أشكال المعاملات والتشريعات التمييزية التي لا تعترف بحقوق المسيحيين فحسب ، بل ايضا بحقوق الانسان في المطلق ، " كل أنسان وكل الانسان " . ألامر الذي يوجب ان يفتح امام الانسان المعاصر ، وفي اطار الحوار بين الاديان والحضارات ، باب جديد وواسع لنقد التراث الديني ، ولا سيما منه الفقهي واللاهوتي المتطرف ، والمسؤول على الساحة العالمية ، منذ احداث 11 ايلول 2001 ، عن ظاهرة تصاعد الارهاب الديني الذي تغذيه  الشرائع الفقهية  القديمة ( التكفير ، الردة ، الجزية ، الذمية ، البراء والولاء، محاكم التفتيش وغيرها ) بما فيها من تشويه لصورة العزة الالهية  ولحقيقة الاديان من حيث هي رسالات سلام ورحمة ، كي يستعيد الانسان صورته الحقيقية عندما يكون محترما  للقيم  الاساسية ( التي نصت عليها شرعات حقوق الانسان والشرائع السماوية )  : حرية الفكر والتعبير والاعلام  والمعتقد ، حرية العبادة والدين يما فيه جرية تغيير الدين ،  واحترام المرأة والعامل والطفل ، وحرية الانتقال والهجرة ، من دون التعرض للأذى من اي جهة ، وغير ذلك  من الحقوق والحريات الاساسية التي تتعرض في ايامنا الى الألغاء والمس بقدسيتها  في مجتمعات او دول عظمى ونافذة .
 موجات الاضطهاد العشر التي طاولت حياة المسيحيين وحقوقهم في القرون الاربعة الاولى :
تختلف  الاضطهادات التي مورست على الاجيال المسيحية الاولى بحسب  مزاجية الرؤساء والقيادات والمراتب الحكومية في وظائف الدولة واداراتها ، وخاصة في الجيش وحاشية القصر والقضاء .  وكذلك بحسب الانتماءات السياسية  والدينية ، ووفقا للاحوال الاقتصادية ، ولأختلاف الطبقات واللغات والفئات القومية والاجتماعية . وقد تكون الاضطهادات موسمية او دائمة ،  جسدية دموية ، او نفسية قهرية ضاغطة ، من خلال النبذ الاجتماعي والعزل ومصادرة الاملاك وحجز الحريات ، عن طريق السجن والتفنن بمختلف اشكال التعذيب وادواته ،  تمهيدا للموت  .
منذ ظهور المسيحية عمد الحكم الروماني الى اعتبارها جسما غريبا عنها. لذلك راح الحكام يتهمون المسيحيين بأنهم  "أعداء الدولة" ، لا بل ايضا أعداء الجنس البشري ، ملصقين بهم التهم  المختلقة والباطلة ، متذرعين بأمور عديدة  منها الطقوس السرية الجديدة التي كان يمارسها المسيحيون ، مما لم يكن بوسع الثقافة الوثنية استيعابه وفهم  معانيه الروحية . من جهة اخرى ، اذا كان بعض أتباع الاديان والمذاهب الغريبة عن دين السلطة الحاكمة  قد وجدوا  أحيانا سبل التخلص من الخضوع للديانة الرسمية ، مقابل تنازلات مادية او معنوية ، الا ان المسيحيين أبدوا مواقف متشددة ، في هذا الموضوع ، رافضين  القبول بأي عبادة للامبراطور وغير ذلك مثل تقديم الذبائح في المعابد الوثنية كعلامة للولاء الوطني ووحدة الدولة ، معلنين بذلك ولاءهم ل"مدينة سماوية"  ، وفقا لعبارة القديس أغوسطينوس . الامر الذي شكل سببا رئيسيا للاضطهاد ، بين اسباب اخرى . انطلاقا من هذا الموقف المبدأي تصاعدت المواقف العدائية من السلطة الرومانية والشعب الروماني حيال المسيحية الاولى ، الى حين الانتصار عليها في عهد قسطنطين . مع ذلك لا يمكن الجزم بأن السبب الاول  للاضطهاد كان سببا دينيا بحتا بقدر ما كان وطنيا سياسيا . اضيفت اليه تدريجا اسباب اخرى اقتصادية واجتماعية واخلاقية ، مقرونة خصوصا برؤية  الى الحياة والكون مناقضة  للوثنية . تناقض  قائم على الرغم  من مناداة  تعاليم المسيحية الى احترام السلطة :  " أطيعوا مدبريكم " ( افسس 6/5-9) ، وتوصيتها بالصلاة من اجل الحكام الزمنيين ( رسالة اكليمنضوس الى القورنثيين ) . في حين كانت  الدولة الرومانية لا تنظر الى الاديان الا من ناحية الولاء للدولة التي يجتمعون المواطنون في ظلها ، كمامن  خلال الطقوس المتعارف عليها ، إلا انه كانت للمسيحيين نظرتهم الخاصة التي تميزت بإزدراء المجد الباطل ومظاهر الغنى ، وبالابتعاد عن مظاهر اللهو والاعمال المطبوعة بالعنف الدموي ، وبالنهي عن العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج المقدس والاسرة . هذه الرؤية وهذا المنهج السلوكي الاخلاقي هما مما شكل محور سوء الفهم الاساسي والتعارض العميق بين الدولة والمجتمع الروماني من جهة والدين الجديد من جهة أخرى .. موقف جوهري أدى بالمسيحيين الى القبول بالشهادة حتى الموت ، اقتداء بمعلمهم الاول وفادي البشرية قاطبة ، فوق الصليب.
درج المؤرخون للقرون المسيحية الاولى على تحديد عشر محطات رئيسة ، في عرضهم لوقائع الاضطهادات التي جرت  بين 64 و311 ، قبل ان تعرف المسيحية نوعا من الهدنة او السلام المؤقت،  لكي تستأنف موجات  الاضطهاد بعد ذلك التاريخ في ما يمكن وصفه بحروب الردة  الى الوثنية ،  ثم الحروب الداخلية المتبادلة بين ابناء الكنائس المسيحية ذاتها .حروب وصدامات  توزعت على مدى التاريخ المسيحي في الالفيتين الاولى ثم الثانية . هذا ما عدا عن الحروب الخارجية التي شنها المسيحيون على الآخرين ( الحروب الصليبية مثالا )  . يمكن تحديد هذه المحطات كالتالي :
- اولا : في عهد نيرون ( 66- 68) - ثانيا : في عهد دوميسيانوس ( 91) ، ثالثا : في عهد تراجان (98-113) - رابعا : في عهد ادريان ( 117-138) وأنطونان التقي ( 118-138) ، ومارك اوريل ( 161-180) - خامسا : في عهد سبتيموس ساويروس ( 193-211) -  سادسا : في عهد مكسيمينوس الاول او التراقي (235-238)، سابعا : في عهد داقيوس ( 249-251)- ثامنا : في عهد فاليريان ( 254-260) - تاسعا : في عهد ديوكليسيانوس ( 284-305) وخلفائه (303) ومكسيميان دايا (305)- عاشرا : في عهد قسطنطين واعلان ميلاتو ( 313 ) - حادي عشر : ما بعد قسطنطين ، يوليانوس الجاحد والردة الى الوثنية - ثاني عشر : الكنيسة والدولة : من واقع الكنيسة في الدولة الى واقع الدولة في الكنيسة
الى المحطات العشر أضفنا محطتين أخريين حيث اتخذ الاضطهاد شكل صراع متبادل بين مسيحيين ، او شكل نظام مسيحي ضد آخر مختلف ، وذلك خلافا لروح الانجيل ومبادئه السامية . حاولنا ، مع تحديد ابرز محطات الاضطهاد الذي مورس سواء من قبل السلطات الحاكمة على الجماعات المسيحية في القرون الارعة الاولى ، أم  بتأثير عائد الى  اختلاف في عقليات الشعوب وعاداتها الاجتماعية والثقافية ، حاولنا القاء الضوء خصوصا على الاسباب التي ادت الى الاضطهاد ، وعلى مواقف السلطات الرسمية من خلال القرارات التي اعلنتها والتشريعات التي سنتها لهذه الغاية .
- اولا : في عهد نيرون ( 64- 68) :  قبل سنة 64 لم تكن المسيحية قد حظيت بعد باعتراف رسمي من قبل مجلس شيوخ الدولة  ، لا  بكونها جماعة جديدة ولا  بكونها ديانة شرعية ( ( Religio Licita . يطلق عليها المؤرخ تاسيت في حولياته صفة "  خرافية " Superstitio) ) . ألأمر الذي يعني انها  كانت في البداية خارج  دائرة القوانين ، وغير مشمولة  برعاية الدولة  لا سلبا ولا ايجابا  . ولكن على أثر الحريق الذي وقع في ضواحي روما وأتى على قصر نيرون راحت الانظار تتحول نحو المسيحيين ، بوصفهم الحلقة الضعيفة التي اشار اليها نيرون نفسه بالاصبع تبريرا منه لتهمة  توجهت اليه اولا ، ثم الى الجماعة اليهودية التي كانت تحظى بنفوذ لدى السلطة . كان نيرون يريد توسيع نطاق قصره،  لذلك افتعل الحريق ، ثم اتهم به الآخرين . منهم من عزا تسليط الاتهام على الجماعة المسيحية بسبب التنافس الذي كان قد بدأ يظهر بين أتباع الديانتين الشقيقتين ، وتصاعد نفوذ أبناء الدين الجديد . لذلك كان الاضطهاد  النيروني اول اضطهاد ،  أعلن بقرار رسمي ،  مستهدفا المسيحيين في اطار الدولة الرومانية . كان من أبرز ضحايا الاضطهاد النيروني الرسولان بطرس وبولس . بغض النظر عن المبالغة في حجمه وعدد ضحاياه ، ( من بينهم عمودا الكنيسة القديسان بطرس وبولس ) ومشاهده الدرامية ، على ما  نقلته الينا صفحات التاريخ ، يعزي بعض المؤرخين حقيقة  ألاسباب الرئيسية  لهذا الاضطهاد الى الاسقاطات النفسية وسوء فهم حقيقة مبادىء المسيحية وطقوسها من قبل الشعب الروماني الوثني . أسباب ستتوضح اسبابها ومظاهرها في المراحل اللاحقة ، وستتم ترجمتها بنوع خاص من خلال مواقف السلطة الحاكمة والقرارت والتشريعات الرسمية  التي رافقتها . السؤال الذي سيبقى مفتوحا ، والذي تطرحه اليوم بصورة ملحّة ظاهرة الاضطهاد في عالمنا المعاصر، وما يرافقها أحيانا من مواقف بطولة وقداسة دفاعا عن قيم مقدسة : هل من المقبول بعد ، في ظل الحقوق التي نصت عليها الشرعة العالمية لحقوق الانسان ( 1948 )  وملحقاتها ، أن تستمر تشريعات بعض الدول ، ناهيك  عن سياساتها،  في استمرار تكريس التمييز الديني والعنصري والطبقي وممارسة الارهاب باسم الدين ؟ كما كان يحدث في المجتمعات القديمة التي يشير اليها هذا البحث ؟
ثانيا : في عهد دوميسيانوس ( 93) : ظهر اضطهاد المسيحيين في العهد الدوميسياني في اطار ملاحقة خاصة استهدفت طبقة من المفكرين مثل الرواقيين (Stoiciens ) وفئات من المواطنين الرومان الاحرار ، ممن  كانوا يمتازون بأفكارهم ومواقفهم الاخلاقية  والمبدئية الصلبة أمام قضايا السياسة والحياة والوجود . من هذه الناحية شمل الاضطهاد المسيحيين أيضا لأنهم يلتقون مع الرواقيين وغيرهم من اهل الفكر والمبادىء في ما يتعلق بالحرية الفكرية والمواقف الاخلاقية التي تتميز بالشجاعة  في مواجهة الظلم والفساد  . مواقف كانت تعتبر بنظر الامبراطور دوميسيانوس ( تاسيت ، تاريخ  1، 1) من نوع الجريمة الوطنية . الى تاريخه لم تكن الاوامر الرومانية القانونية  الرسمية قد صدرت بوضوح وبصورة مطلقة بحق المسيحيين ، الا بدءا من عهد تراجان وأدريان بين  (107- 138).
ثالثا : في عهد تراجان ( 98-113 ) : يعتبر مومسن ( Momsen ) ان اول قرار رسمي صدر عن السلطة الرومانية بحق المسيحيين ، وضمن شروط ،  كان في سنة 112 ، وقد وجهه تراجان الى بلين الصغير ( Pline Le jeune  ) حاكم مقاطعة بيتينيا والمؤرخ المعروف . بموجبه تم الاعلان على انه لا يجوز ملاحقة المسيحيين الا بناء على : " شكاوى تتعلق بالحق العام " : الخيانة – تحقير السلطة – التمرد على أحكام القضاء  ، المشاركة في اجتماعات محظورة ، القيام بأعمال سحر وغيرها . لم  يحدد القرار الامبراطوري نوع العقوبات التي ينبغي انزالها بالملاحقين قضائيا من المسيحيين ، كما لم يعطها بعد صفة التعميم المطلق ، تاركا للقضاة نسبة معينة من الصلاحية في تحديد الجريمة والعقوبة المناسبة لها . في الاجراءات التي حددها تراجان كان محظورا  على القضاة تعقب المسيحيين من دون سبب وجيه . ولكن عندما كانت توجه شكوى ما بحق احدهم كان  يطلب من مقدم الدعوة أن يرفقه  بنص مكتوب . وفي حال ظهر ان التهمة  باطلة ، كان على مقدم الدعوة أن ينال عقوبة توازي تلك  التي  كانت ستصدر بحق المشتكى عليه . الا ان معدلات مشاعر الكريستيانو فوبيا ، إن جاز التعبير ، كان يتأرج بين التشدد والتسامح في الاوساط الشعبية  وفقا  لارتفاع معدلات  الديموغرافيا في الاوساط المسيحية . لم تكن الوثنية بطبيعتها متشددة من ناحية التمييز الديني ، كما يمكن ان يظن ، لأن الكهنة الوثنيين لم يكونوا متطلبين من الناحية اللاهوتية ، فكانوا يتقبّلون من دون تعقيد مختلف العقائد على تعددها . لذلك اذا كان من حالات للتذمر الوثني من الغرباء (  (Xenophobia فإن الشكاوى كانت غالبا ما تعزى الى تصرفات اليهود اولا،  ثم تطلق بعد ذلك على المسيحيين ، باعتبار ان الجماعتين هما متوازيتان بالنسبة الى مشاركتهما في المرجع والتعاليم . أما الشكاوى الاساسية والمباشرة فكانت تتعلق بالأجتماعات الليلية التي كان يلتقي فيها المسيحيون للصلاة ، والتي اسيء فهمها من قبل المجتمع الروماني الوثني ، الذي كان يرى فيها  مناسبات  تتخللها أفعال مخلّة بالاداب العامة ،  وتقديم ذبائح تتكوّن أضاحيها من اجساد الاطفال ، واكل لحوم البشر ، وغيرها من طقوس مستغربة وسحرية صادمة لأبسط ألأخلاق والمشاعر الانسانية .  هذا من الناحية الدينية ، اما من الناحية الوطنية والسياسية  فقد كان يتم تفسير تصرفات المسيحيين على أنها ترجمة للأنعزالية واللامبالاة بالقضايا الوطنية ، وازدراء الاديان ألاخرى وطقوسها ، ولا سيما منها عندما يرفض المسيحيون  المشاركة في تقديم الذبائح وفق العادات الوثنية في الهياكل،  تكريما للآلهة ، أو بمثابة عربون ولاء لشخص الامبراطور ، رمزالدولة ، او تعبيرا عن محبتهم للوطن . مجموع هذه الاحكام المسبقة والاوهام المتفاعلة في الوجدان الشعبي الروماني العام  كانت من شأنها أن تؤدّي، في ظروف الحروب والويلات الطبيعية ، الزلازل وحالات الجفاف وغيرها ، الى تفسيرهذه الظواهر على انها تعبير عن غضب الالهة حيال الممارسات التي تدمر هياكلها . أضف الى ذلك الشغف العام والمتعة التي كان الشعب الروماني يجدها في اللقاءات العامة فوق الملاعب وما يرافقها من مشاهد دموية يُقدَم في أثنائها المحكوم عليهم بالاعدام طعاما للوحوش الضارية . لذلك لم يكن من خارج التقاليد الرومانية المطبوعة بالسادية إخضاع المسيحيين المحكوم عليهم بجرائم نص عليها قانون تراجان ، لكي يكونوا في عداد الضحايا التي يزج بها في الملاعب وحلبات المصارعة ، تلبية لأشباع غرائز الجمهور الذي تستهويه مشاهد العنف . في عهد تراجان  كانت المرة الاولى التي يشار فيها الى الاحوال الشخصية ، إذا جاز التعبير ،  العائدة  للمسيحيين تحديدا . تواصلت هذه السياسة القضائية حيال المسيحيين في عهدي أدريان وانطونان التقي ، وبقيت مرهونة في التطبيق الى حد كبير بمزاجية القضاة والظروف الاجتماعية والسياسية السائدة .
رابعا : في عهد أدريان ( 117- 138) : لم يضف الامبراطور أدريان أي تدبير خاص في سياسته على الاجراءات التي سبقه الى وضعها الامبراطور تراجان . عاد فصدّق على قرار سلفه في ما يتعلق بالصيغة القانونية التي كان قد سبقه الى تحديد مضامينها وشروط تطبيقها ، وأبدى اكثر ميلا لأرضاء المشاعر الشعبية عندما أوضح أنه ينبغي على كل مسيحي تثبت عليه الادانة ان يتم تسليمه الى الشعب الروماني الذي بات صوته اكثر ارتفاعا لمعاقبة المخالفين للقوانين . هذه السياسة عينها جرى على متابعتها خلفيفة  الامبراطور انطونان التقي الذي حكم بين 118 الى 138 وغيره .. من ضحايا الاضطهاد الذي جرى في ايام تراجان وأدريان وانطونين : القديس سمعان اسقف اورشليم ، ومار اغناطيوس الانطاكي ، البابا كليمنضوس ، البابا سيكستوس ، و مجموعات من الضباط والجنود في الجيش الروماني .
خامسا : في عهد الامبراطور مارك أوريل ( 61-180) : جدّد مارك أوريل القرارت التي كانت قد صدرت في العهود السابقة لعهده . ونظرا للكوارث الطبيعية ( فيضان نهر التيبر –Tibre ونهر  بو PO ) التي وقعت في عهده اضطر الى تلبية  مطالب الشعب الروماني الملحة ، للاقتصاص من المسيحيين  الذين يعود الى تصرفاتهم سبب غضب الالهة. فكانت اكثر المناطق تعرضا لهذه الموجة من الاضطهاد مدن  : أزمير ، روما، فيينا ، ليون . الى ذلك رأى الامبراطور الرواقي في الدين الجديد والصاعد ، لما تضمنته بعض عقائده اللاهوتية والاخلاقية  ( المتضاربة مع العقل ومنطق الطبيعية ) ضربا من الجنون . لذلك لم يتساهل في سفك دمائهم ، مستهدفا بدرجة اولى فئة الفلاسفة واللاهوتيين . كان من بينهم القديس جوستينوس وتلامذته ( سنة 165). في اواخر القرن الثاني ومع اطلالة طلائع الغزوات البربرية على حدود الامبراطورية تشددت الاوامر الرسمية  في شأن حماية الحدود، من خلال اتباع سياسة ضبط الأمن واختبار ولاء الشعب للسلطة عبر سن قوانين جديدة  ، من أجل الفرض الالزامي  في تطبيق الطقوس الخاصة بتكريم الالهة والتعبير عن الولاء للامبراطور بالنسبة  لجميع المواطنين في كل أنحاء الامبراطورية .  أمام هذه الاوامر المتشددة كان على المسيحيين المخلصين ان يواجهوا التحدي :  قبول أكليل شهادة الدم من أجل  الحفاظ على وديعة الايمان أم لا !.
خامسا : في عهد سبتيموس ساويروس ( 193-211) : بدأ عهده متعاطفا مع المسيحيين . بعد انتصاره على خصومه في غرب الامبراطورية وشرقها ، ونودي به امبراطورا سنة 193 ، ونال تأييد أبناء قومه في فينيقيا ( لبنان وسوريا لأنه من أصول سيرو فينيقية تعود به الى عرقا في شمالي لبنان ، ومتزوج من ابنة رئيس كهنة حمص ، ووالد الامبراطور كراكركلا . ونال تأييد أبناء صور له امام خصمه نيجر قائد الشرق ) ، أصدر مرسوما ملكيا في السنة التاسعة من حكمه مؤرخا في فلسطين سنة 202 حرّم فيه اعتناق الدين المسيحي . تضمن قرارات دامية تم تنفيذها بشدة وامتدت مفاعليها الى مصر وقرطاجة وبلاد الغال . في عهده نال اكليل الشهادة آلاف المسيحيين في مناطق الامبراطورية كافة شملت مصر وقرطاجة ( تونس ) وبلاد الغال ( فرنسا ) . كان من بين ابرز الوجوه التي نالت اكليل الشهادة :  في الاسكندرية الخطيب ليونيد والد اللاهوتي الشهير اوريجينوس (الذي استشهد بدوره لاحقا في مدينة صور في عهد داقيوس)  ، القديس ايريناوس في ليون – فرنسا ، البابا فيكتور في روما ، السيدتان بربيتوا وفيليسيتيه  ( Perpetue , Felicite) في قرطاجة . الا ان التأثير الشرقي الذي دخل الى البلاط الامبراطوري مع الاسرة الساويروسية قوى نفوذه مع الزمن ليصبح في عهد فيليبوس العربي (من مواليد السويداء – سوريا (244-248) ، اول امبراطور مسيحي ( بحسب اوزيب القيصري مؤرخ الكنيسة الاول ) . إن ما ييدعم أرجحية هذا القول كون اوزيب القيصري من المقربين الى قسطنطين . الى هذا يُستنتج من سيرة القديسة بربيتوا (Perpetue )  ان أبناء هذه المنطقة لم يتعرضوا كثيرا  للأذى  في عهد سبتيموس ، نظرا لمولده او اقامته فيها مدة من الزمن . ابتداء من هذا العهد بدأ المسيحيون ينشرون الكتب والرسائل المتعلقة بسيرة الشهداء ويخصونهم بالتكريم ، كما بدأ النفوذ في السلطة  يتحوّل لصالح الدين الجديد بعدما تم أعلانه في ما عرف لاحقا ب " أعلان ميلانو"  سنة 313.
سادسا : في عهد مكسيمين الاول التراقي    Maximin  (235-238 ) : خطة  هذا الامبراطور التي استغرقت ثلاث سنوات قامت على قاعدة " اضرب الراعي فتتبدد الخراف " . لذلك كان اول ما قام به نفي البابا بونسيان –  Pontien ( 233- 237 ) الى سردينيا ، حيث تعرض للاهانة بالضرب حتى الاستشهاد ، ثم اتبعه بالبابا أوتيروس ( 237- 238 ) وبالعديد من الرعاة الاساقفة والكهنة والشمامسة. وقام بهدم الكنائس . بعد موت مكسيمين عرفت الكنيسة نوعا من الهدنة إثر ما اشرنا اليه - في المقطع السابق-  من تصاعد للنفوذ الشرقي السيرو فينيقي داخل البلاط الامبراطوري .
سابعا : في عهد الامبراطور داقيوس  ( 249- 251 ) :  في ظل حكم الامبراطور داقيوس شهدت المسيحية احدى اشد موجات الاضطهاد ، حين اتخذ الاضطهاد شكلا منظما ومبرمجا تمثل بانتهاج سياسة التهجير والامساك المتشدد بزمام الشؤون العسكرية والسياسية ، تحسبا من تفاقم خطر الغزوات الغوطية على الحدود . لذلك أصدر مرسوما سنة 250 يأمر بموجبه جميع رعايا الامبراطورية لكي يقدموا الذبائح تكريما لروما وللامبراطور . وذلك أمام قضاة مكلفين بمتابعة هذا الاجراء وتحت طائلة المسؤولية . على ان يمنح كل مواطن أدى هذا الواجب " شهادة حسن سلوك "  LIBELLUS   )) ، بما يتيح للسلطة السياسية ، من خلال هذا الامتحان تصنيف المواطنين بين من  مخلصون  للنظام وبين من هم  خارجون عليه ،  بحيث يحكم على هؤلاء  عقوبة السجن او الموت او غير ذلك من العقوبات المتنوعة.  ألأمر الذي اتاح بتصنيف المؤمنين الى عدة فئات :
مقدمو الذبائح – Sacrifici  ، مقدمو البخور - Thurificati   ، مسلّمو الكتب المقدسة لأحرافها  - Traditores  ، ساقطون في الامتحان قبل أن يتراجعوا عن خطأهم او منزلقون  – Lapsi ، مشترو شهادات حسن السلوك عن طريق الرشوة او الاحتيال – Libellati  ،  مرتدون الى اديانهم السابقة أو جاحدون  - Apostats ، معترفون - Confesseurs مؤمنون حقيقيون  – Martyrs  الذي يقبلون الامتحان بكامل ارادتهم .
شهد هذا العهد ظاهرة جديدة تمثلت بنزوح جماعات عديدة من المسيحيين هربا من المدن والاماكن الآهلة للاعتصام في الجبال والبراري  بعيدا عن أعين مراقبة السلطة .كانت سياسة  داقيوس الجذرية ترمي الى تحطيم المسيحية تحطيما كاملا ، في ردة فعل منه على سياسة فيليبوس العربي المسايرة لها ، فلم يكتف بمعاقبة معتنقيها كما فعل تراجان مثلا ، بل ذهب الى أبعد من ذلك عندما أتخذ منهجا راديكاليا يقضي بتعميم الاضطهاد فوق كامل اراضي الامبراطورية . تعميم يقضي بملاحقة معتنقي المسيحية  اينما وجدوا ، ُثم إكراههم بالقوة على التخلي عن ايمانهم المسيحي . ذريعته الاساسية في هذا النهج هو ان المسيحية ، كدين ومنهج حياة ورؤية ، تشكل خطرا على المجتمع والدولة . من هنا اتخذت الاضطهادات العامة عنده شكلا جديدا غير مسبوق ، بحيث أنه يصبح لزاما على المسيحيين ان يختاروا بين حلّين لا ثالث لهما : إما الجحود ومن ثم النجاة بالحياة ، إن كانوا ضعفاء في الايمان ، راغبين في الحفاظ على المواطنية الرومانية ، من جهة ،  وإما ان يختاروا التمسك بإيمانهم المسيحي ومن ثم الموت ، إن كانوا راسخين وثابتين في ايمانهم المسيحي . حالة شبيهة بتلك التي ستشهدها الجماعات المسيحية في بعض الظروف في ظل الدولة الاسلامية ، وكما تشهده ايامنا الحالية في الحرب التي تخوضها " الدولة الاسلامية ، داعش " في العراق وسوريا وليبيا وتركيا وغيرها من الدول الاسلامية المعاصرة.  تابع غالوس  ( Gallus - 250-253-) نهج سلفه داقيوس . ثم خلفه فاليريان ( 253-260 ) الذي بدأ متسامحا مع المسيحيين لينتهي معهم اكثر شراسة من أسلافه .  ثم شهدت السياسة الرومانية نوعا من الهدنة حيال المسيحية دامت 14 سنة ( 260- 274 ) في عهد كل من غاليان  Galien   (260- 268  ) وأوريليان  Aurelien   ( 270- 280 ) . في أثنائها أعيدت الاملاك المصادرة الى مالكيها المسيحيين ، في ظل انتشار غير مسبوق للمسيحية  كمّا ونوعا في مختلف أنحاء الامبراطورية وبخاصة في بلاد ما بين النهرين وأرمينيا .  في تلك الهدنة أصدرغاليان أمرا امبراطوريا  يقضي بإعادة الاملاك المصادرة الى مالكيها من المسيحيين الذين هم في شركة مع أسقف روما وجميع أساقفة أيطاليا . ولكن لم يطل الزمن لتعود السلطة الرومانية الى سياستها السابقة في شد الخناق على المسيحيين ، في عهد ديوقليسيانوس (285- 305 )  الذي يطلق عليه  بحق  " عصر الشهداء ".
ثامنا: في عهد فاليريانوسValerien-   ( 257-258 ) : بعدما بدأ متعاطفا مع المسيحيين تراجع فاليريوس عن سياسته ليعود الى اسلوب سلفه . شهد  اول عهده ( 254-260 ) نوعا من الهدنة ما لبثت أن انقلبت الى أشد مما كانت عليه ،في العهدين السابقين .  (داقيوس وغالوس Gallus   -251-253 ). وذلك بسبب حاجته الى  أموال المسيحيين  لتغطية نفقات الحروب التي كان عليه ان يخوضها تصديا للغزوات  الجرمانية في الغرب والهجومات الفارسية في الشرق . فأصدر إعلانا بمصادرة أملاك المسيحيين ، مرفقا اياه بإعلان آخر ينص عل إخضاع جميع رجال الدين المسيحيين لإستجواب سريع وقاطع يجري بنهايته  إعدامهم في حال تمسكهم بدينهم  .هكذا ألقي القبض على البابا Felix القديس والشهيد أثناء  قيامه بالقداس الالهي في دياميس روما والقديس كليستوس مع أربعة من الشمامسة . وفي الاطار عينه حكم بقطع الرأس على القديس قبريانوس في افريقيا ، والعديد غيرهم من الشهداء في مناطق مختلفة من الامبراطورية . لم تتوقف هذه الموجة من الاضطهاد الا بانهزام فاليريانوس في الشرق في حرب طاحنة بينه وبين الملك الفارسي  شهبور . بعد ذلك ( 260) شهدت الكنيسة نوعا من الهدنة دامت 14 سنة في عهدي غاليانوس واوريليانوس ( 260-274 ) استعادت  في أثنائها  املاكها . أصدر غاليانوس إعلانا يقضي بإعادة أملاك المسيحيين ممن هم بنوع خاص في شركة مع أسقف روما واساقفة ايطاليا .  مما أتاح للمسيحية انتشارا أوسع من السابق في مختلف أنحاء الامبراطورية وخارجها ، وبنوع خاص في بلاد ما بين النهرين وأرمينيا . لكن بعد ذلك سيكون عهد ديوقليسيانوس من أشد العهود قساوة على المسيحية .
تاسعا : في عهد ديوقليسيانوس (284- 305 ) : عصر الشهداء
يُعرف الاضطهاد الذي شنه ديوقليسيانوس على المسيحية ب " الاضطهاد الكبير " ، في زمن كانت المسيحية قد بلغت فيه نموا وانتشارا واسعين . بحيث كان قد بلغ عدد أبنائها ، وفقا لبعض الاحصاءات ، خمسة ملايين من مجموع ستين مليونا هو مجموع قاطني الامبراطورية الرومانية . في ذلك الاطار التاريخي والحضاري كان ديوقليسيانوس قد اقتسم الامبراطورية ، في اطار صيغة حكم متعدد الرأس   ( Tetrarchie) ، بينه وبين مكسيميان دايا ، محتفظا لنفسه بإدارة أقليم الشرق ، ومتخذا من غاليريوس معاونا له ، تاركا لشريكه الآخر مكسيميان حكم أقليم الغرب ،  بمعاونة كونستانس كلور والد قسطنطين الكبير الذي  سيكون مطلق الحريات الدينية ومؤسس الدولة المسيحية .
في سنة 303  أملت على ديوقليسيانوس مزاجية  شريكه في الحكم ، غاليانوس ، بإصدار مرسوم يقضي بهدم جميع الكنائس القائمة فوق ارض الامبراطورية ، كما بإحراق جميع الكتب المقدسة التي هي بحوزة المسيحيين ، وبإقصاء هؤلاء عن جميع الادارات الرسمية ، وحرمان العبيد المسيحيين  من التحرر . ثم ألحق هذا المرسوم بثلاثة مراسيم أخرى ، نص الاولان منها على الزج بالاساقفة في السجن وإخضاعهم للتعذيب بهدف حملهم بالقوة على الجحود بدينهم . فيما  نص المرسوم الثالث على تطبيق هذا الاجراء على جميع المسيحيين فوق اراضي  الامبراطورية . فأدت مفاعيل هذه الاوامر الملكية الى اضطهاد واسع لم ينج  منه إلا منطقة الغال ، في حين شهدت أقاليم الشرق اشرس حملات الاضطهاد ، مما جعل عهد ديوقليسيانوس يطلق عليه بحق " عصر الشهداء " ، كما أشرنا . نصت قرارات ديوقليسيانوس على اربع أجراءات كبرى : 1- هدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وحرمان المسيحيين من الحقوق المدنية ، 2- الزج برجال الكنيسة في السجون ، 3- انزال اشد العذابات بالكهنة الذي يرفضون القبول بتقديم الذبائح للآلهة ، - 4- أكراه الشعب المسيحي على تقديم الذبائح تحت طائلة الموت .
منذ العام 303 توالت  المراسيم أو القرارات الرسمية  القاضية  بتشديد الاضطهاد على المسيحيين منها :
 - قرار 24 شباط 303 حرّم عقد الاجتماعات الخاصة بتلاوة الصلوات ، وأتاح هدم الكنائس ومصادرة الاواني والكتب المقدسة تمهيدا لأتلافها ، كما أمر بإسقاط الحقوق المدنية عن الموظفين والجنود المسيحيين ، و بحجب الترقيات عنهم ما لم يتخلوا عن أيمانهم والجحود به. كان لهذا الاضطهاد الممنهج مفاعيل جد مأساوية أدت الى استشهاد مجموعات عديدة في صفوف  ضباط وعناصر  الفرق العسكرية ، في مختلف مناطق الامبراطورية .  ( بخاصة في الدانوب وروما وأفريقيا)  .نص القرار أيضا على واجب تقديم الذابائح  للالهة من قبل جميع سكان الامبراطورية  بدون استثاء ، بدءا بالمسؤولين الرسميين وموظفي الدولة وأفراد عائلاتهم . الامثلة على ذلك عديدة . على سبيل المثال ، في مدينة صور اللبنانية استشهد رئيس ادارة الضرائب ( ادوكتوس ) ورئيس معمل الارجوان ( دوروتاوس )  ، ووقع الاعتداء علة  جميع كهنة المدينة وشمامستها .
 - في سنة 305 صدر اعلان رسمي آخر يعرف ب " مرسوم مكسيميان دايا " تم توزيعه في جميع مناطق الامبراطورية . في بعض المدن تم نقشه على أعمدة من نحاس توزعت في شوارع كبريات المدن   ، ومنها مدينة صور على سبيل المثال .
-  بالاضافة الى القرارت الحكومية ، كانت تصدرعن سكان بعض المدن عرائض معادية للمسيحين تتضمن تحريضا  عليهم . الامثلة على ذلك عديدة  في انطاكية وصور ، كما يروي شاهد عيان ( اوسيب القيصري في كتابيه " التاريخ الكنسي " و" شهداء فلسطين " ) . مجموعات عديدة من المسيحيين ، من مختلف الاعمار والفئات الاجتماعية والدينية والعسكرية ، كان يزج بها في السجون ، قبل أن تُقدًم فوق حلبات المصارعة والملاعب العامة طعاما للوحوش الضارية .
شكلت حملة الاضهاد التي جرت في عهد ديوقليسيانوس احدى اشد الحملات ، لكنها مهدت لحدث تاريخي كبير هو صدور اعلان ميلانو (313) . من العجب أن السلطة التي أصدرت تلك المراسيم القاسية عام 303 كانت هي نفسها التي تراجعت عنها في في 30 نيسان 311 ، على أثر مرض عضال ألمّ بالامبراطو كونستانس كلور والد قسطنطين الذي اليه سيعود والى والدته القديسة هيلانه ، الفضل بإطلاق الحرية الدينية وإرساء المداميك الاولى في بناء الدولة المسيحية ، مع أعلان ميلانو . فما أن توفي  قسطنطين كلور حتى نادى الجيش الروماني بابنه قسطنطين . وكان افتتاح عهد جديد .
في عهد ديوقليسبانوس تفاقمت ظاهرة التمرد في أوساط الفرق العسكرية على اوامر قياداتها مما ادى الى استشهاد مجموعات عديدة .  منهه على سبيل المثال: مجموعة جنود طيبة ( المصرية ) في جبال سويسرا وايطاليا . مما ادى بالقيادات في نهاية هذا العهد الى  الاعتراف بالعجز امام قوة المسيحية الصاعدة . خلال هذه الحقبة من التاريخ الروماني كانت الوثنية قد استنفذت معظم طاقاتها  في الضغط لأخراج المسيحية من دائرة الوجود . ولكن بنهاية حكم ديوقليسيانوس اعترف شريكه في الحكم غاليريوس ( سنة 311 ) بالعجز عن إخضاعها  وتقليص وهج إشعاعها .  مما حمله الى اعلان مرسوم يقضي بضرورة التساهل   (Tolerance)  مع أتباعها  . فلم ينقض على اصدار هذا القرار اكثر من سنة حتى صدر اعلان آخر مشترك مع القائد ليسينيوس يقضي بالكف عن مضايقة المسيحيين ، تمهيدا لمنحهم الحرية الدينية  الكاملة لاحقا .  ذلك لأن اعلان 311 لم ينص على حرية دينية عامة إذ بقي محظورا على الوثنيين اعتناق المسيحية ،  بانتظار صدور قرار آخر بعد عامين من ذلك كان أكثر انفتاحا على المسيحية هو "اعلان ميلانو"  التاريخي . بموجبه ، وبصورة رسمية ، اوقف الاضطهاد الموجه ضد المسيحيين نهائيا ، بموازاة  اطلاق حرية الدين لجميع المواطنين في الامبراطورية ، مشكلا بذلك أول وثيقة مسكونية ( عالمية ) يتم الاعتراف بموجبها بالحق الجوهري والأساس في  منظومة  حقوق الانسان ، الا وهو الحق بحرية الدين والمعتقد .
مرسوم ميلانو في شهر شباط 313 ، قبله وبعده : بعد أن ثبت للسلطة الرومانية الحاكمة بأن لا فائدة من متابعة الاضطهاد بحق المسيحيين قررت  انتهاج سبيل التسامح ( Tolerance )  معها . لذلك التقى قسطنطين وليسينوس في مدينة ميلانو – أيطاليا وأقرا    للمسيحيين الحق في ممارسة طقوسهم الدينية بحرية تامة ، شأنهم شأن أتباع جميع الديانات في الامبراطورية . بقي قسطنطين في مرجلة أولى على مسافة واحدة من الجميع ، تحت شعار" كل إنسان حر في ما يملي عليه ضميره "   .وبالرغم من أنه لم  يعلن اعتناقه المسيحية وقبول المعمودية الا على فراش الموت (سنة 337  ) فإنه قدم مساعدات وتسهيلات عديدة للمسيحيين : مساعدات مالية ، ترميم وبناء كنائس ،  أعفاء الاكليروس من الخدمة العسكرية والضرائب وغيرها . وما لبث أن تحوّل النظام مع الزمن من مدافع عن المسيحية الى الى مضطهد لغير المسيحيين ،  عندما منع الوثنيين من إقامة الذبائح للالهة في الهياكل ، وهدمها أحيانا ( هيكل أفقا ) وأمر بإتلاف كتب الفلاسفة ممن تتعارض أفكارهم مع العقائد المسيحية ، ( فورفوريوس الصوري)  . الى ذلك أصدر عدة قرارت وتشريعات ساهمت في تيسير وتنظيم حياة المسيحيين ، منها  : أعلان يوم الأحد يوم عطلة رسمية ، يوم الشمس Sunday , Soles Invictus  Dies ( سنة 321 ) - أعتماد تقويم جديد  بموجبه حلّ الاسبوع ( سبعة أيام) محل  التاسوع ( تسعة أيام)  - أقرار  الاحتفال الرسمي بأعياد الميلاد والفصح والعنصرة والصعود والميلاد - . منح الاساقفة صلاحيات للمشاركة في التشريع المدني ،( سنة 332)  وإعتاق  العبيد بموجب إعلان يصدر منهم داخل الكنيسة . كما صدرت أوامر تلغي ممارسات قديمة مسيئة الى المسيحيين تمهيدا لتكريس حقوق إنسانية كاملة :  الحظر على اليهود من ممارسة الرجم بحق من يعتنق المسيحية – منع بيع ألاطفال – إلغاء عقوبة الصلب – إلغاء عادة المبارزة بالسيوف -  حق المساجين بمشاهدة نور الشمس -  في هذا العهد بدأ المسيحيون يطلقون على  أولادهم أسماء الشهداء ، ويضاعفون من الطقوس والكتابات الخاصة  بتكريم الشهداء .  هذا النهج القسطنطيني الجديد أتاح للأمبراطور ، مع الايام ، التدخل في شؤون الكنيسة التنظيمية والعقائدية ، من خلال أتخاذه المبادرات الملكية في الدعوة الى عقد المجامع الكنسية المسكونية والاشراف عليها ، ( مجمع نيقيا سنة 225 ، وملحقه مجمع صور- لبنان 335 سنة ) ، وخاصة بعد أن أقام عاصمته في القسطنطينية ( اسطمبول ) في آسيا الصغرى ( تركيا اليوم ) .
من الايجابية بمكان  أن اعلان ميلانو المشار اليه قد وفر للمسيحيين الحرية الدينية وأعاد اليهم ممتلكلتهم وسائر حقوقهم المسلوبة، ومهّد لترسيخ أوضاع أكثر ملاءمة لتوطيد دعائم الدين الجديد داخل الامبراطورية ،  إلا ان الامر لم يدم طويلا ،  إذ أن لسينيوس نفسه لم يف بوعده ، فعاد بعد مدة قصيرة الى سابق عهده ، فطرد من قصره  افراد حاشيته المسيحيين ووجه الأوامر الى جنوده بواجب تقدمة الذبائح في الهياكل ،( استشهاد مجموعة الجنود الاربعين في البحيرة - أرمينيا سنة 320 ) ، واحتجز الاساقفة والكهنة .
حادي عشر : خلفاء قسطنطين الكبير  :
من كنيسة داخل الامبراطورية الى امبراطورية داخل الكنيسة ( Cesaro- Papisme) و من الاضطهاد الى الاضطهاد المضاد ، عهد جوليانوس الجاحد نموذجا ،
إ ن نقطة التحوّل التي سجلها إعلان ميلانو وما رافقه من تحسين لأوضاع المسيحيين داخل الامبراطورية ،  رافقتها قوانين وإجراءات نقلت المسيحية من أوضاع  كانت تتلقى فيها الاضطهاد من الآخرين الى نظام يمارس الاضطهاد على الآخرين . نذكر منها ما يلي :
- سنة 337 -  قانون يمنع الزواج المتبادل ( Mariage Mixte ) بين المسيحيين واليهود  ، باعتباره جريمة يعاقب عليها القانون .
- سنة 339 – قانون أصدره الامبراطور تيودوسيوس الكبير ينص على ان  الارتداد الى اليهودية هو جريمة يعاقب عليها ، كما اباح  القانون عينه تدمير المجامع اليهودية والمعابد الوثنية.
- 528 - بعد إعلان المسيحية دينا رسميا للدولة أقر الامبراطور جوستينيان ( 527- 564 ) قانونا يمنع بناء المجامع اليهودية وقبول شهادة اليهود ضد المسيحيين أمام المحاكم .
- سنة 535 – أقر مجمع كليرمونت مرسوما يقضي بمنع اليهود من تولي  الوظائف العامة او ممارسة أي سلطة على المسيحيين .
- 613- فرض على يهود اسبانيا الاختيار بين إثنين : إما اعتناق المسيحية وإما مغادرة البلاد .
- 692 – تلت القوانين الواردة أعلاه قوانين أخرى تمعن في المقاطعة والعزل والاقصاء ، حتى باتت اليهودية ديانة محظورة . قبيل انطلاقة الحروب الصليبية ، فرض على أتباعها في سينودس هيرونا ( 1078) بدفع الضرائب .
- بين 1096 و1291  ، كان معظم  شعوب الشرق من جميع الاديان والمذاهب – باستثناء قلة –  هدفا  للحروب الصليبية  .وما جرى في القدس بحق سكانها المسيحيين من الكنائس غير اللاتينية ومن اليهود والمسلمين لا يختلف كثيرا بطابعها الوحشي عما شهده العالم في زمن الفتوحات الاسلامية ، وفي العصور اللاحقة في زمن المماليك والعثمانيين ،ولا ننسى عصر محاكم التفتيش الكنسية في اوروبا ، الى دموية الثورة الثورة الفرنسية ، وصولا الى  الحربين العالميتين ، وما رافقها كلها من ارتكاب المجازر وأعمال الإبادات الجماعية في تركيا العثمانية وألمانيا النازية بما يندى له الجبين. جرائم لا تختلف عما تتناقله في ايامنا وسائل الاعلام الحديثة عن جرائم داعش واخواتها من الحركات التي تدعي تطبيق أصولية الشريعة الاسلامية .التاريخ يقدم لنا أمثلة عديدة عن تنكر الشرائع والممارسات غير الانسانية  لأبسط الحقوق الانسانية .
 بالعودة الى خلفاء قسطنطين نجد أن المسيحية راحت تتحرر تدريجا من حالة الضحية في الاضطهاد الى حالة الجزار أحيانا ، خلافا لتعاليم السيد المسيح ورسله ، وتعاليم الآباء  ، ومن حالة قتال الغير في حالات مشروعه ، الى حالة الاقتتال الاخوي الداخلي الذي لا يمكن تبريره في أي شريعة  . في هذا الاطار يمكن القول إنه بعد الضربات الاولى التي وجهها قسطنطين الى الوثنية استطاع أبناؤه من بعده ( 337-3610 ) الى ازالتها  من معظم أراضي الامبراطورية ، ما عدا  الاسكندرية وروما وأثينا حيث ظلت المسيحية ديانة غريبة . وفي عهد تيودوسيوس وغراسيانوس ( 375-383 ) أصبحت هي الديانة الرسمية والالزامية ، بعدما تم ألغاء ما كان قد تحقق من طابع للحرية  الدينية وفقا لسياسة قسطنطين الكبير . ومع مجيء يوستينيانوس الى السلطة ( (529 ) جرت اعادة النظر بالقوانين المتعلقة بحرية المعتقد وألغيت منها  إلغاء كاملا ، بحيث أجبر الجميع على اعتناق المسيحية . لكن الوثنية بقيت على صلابتها الى زمن الفتح الاسلامي ( 622) حين قضي عليها قضاء شبه كامل .
في ضوء تلك المعطيات يمكن للانسان المعاصر أن يفهم فهما أكمل لمندرجات الشريعة الاسلامية ، في اطار ما يجري في أيامنا من أحداث ومواقف يدعي أصحابها تبرير الارهاب ( الجهاد ) والتمييز بين البشر على اساس ديني ( الذمية ) والتعايش على قاعدة المساواة في المواطنية ( رفض مبدأ التبادلية )  وغير ذلك من حقوق الانسان الاساسية .( الشرعة العالمية لحقوق الانسان 1948 ، مقارنة مع مندرجات الشريعة الاسلامية ) . هذه الاشكالية تعود في أيامنا لتطرح بصورة حادة على ضمير الجميع ، سواء في الدول ذات النظام الاسلامي ، أم في الدول ذات الطابع الديقراطي والعلماني. هل يمكن التوفيق بين الشريعة الاسلامية وشرعة حقوق الانسان ؟    
ثاني عشر : عهد يوليانوس الجاحد ، الاضطهاد في حالات  الردة ، الأقتتال  تحت سقف البيت الواحد  :
"يا للمفارقة كان يتمتع بصفات القديس المسيحي بما فيها الطهارة " ( كلود فوكيه )
" غلبتني ايها الناصري ! " 
شكل عهد جوليانوس الجاحد محطة خاصة ضمن محطات الاضطهاد التي استهدفت المسيحيين في القرون الاربعة الاولى . لأنه كان اضطهادا من داخل البيت القسطنطيني بعد سنوات قليلة على انطلاقة الدولة المسيحية . يصح في هذا العهد تسميته ب "حرب الردة " ، على صورة ما عرفته انطلاقة الدين الاسلامي ، وما رافقها من اقتتالات بين أهل البيت الواحد . يمكن اعتبار خروج جوليانوس عن دين عمه قسطنطين وابن عمه كونستانس بمثابة ردة الفعل ضد النهج الدموي الشديد الذي تزامن مع بناء الدولة المسيحية ، بدءا بتصفية المنافسين من الاقرباء ومن بينهم والد يوليانوس  (يوليوس قونسطانس) ، وشقيقه (غالوس) بحجة المؤامرة على ابناء العم  . اختبر جوليانوس العنف الاهلي باكرا في  حياته . اغتيل والده على يد عمه الامبراطور فيما كان لا يزال هو طفلا في السادسة من عمره . بعد ان شب تم نفيه وأخاه الذي ما لبث ان أغتيل هو ايضا على يد ابن عمه . لكنه  تمكن ، بفضل ذكائه ، من تحصيل مستوى رفيع من ثقافة عصره على يد وبرفقة كبار من الفلاسفة واللاهوتيين ، في أثينا وانطاكية وباريس ، من بينهم الفيلسوف ليبانيوس وغريغوريوس النزينسي ، باسيليوس القيصري ، يوحنا ذهبي الفم وغيرهم . حالما انتهت اليه السلطة ( 361-363 )  أصدر مرسوما يعلن فيه حالة التسامح مع أتباع جميع الاديان ، وسعى في الوقت نفسه الى أقامة هيكلية  كهنوتية  وثنية ، على غرار الهيكلية  الكنسية ، بهدف إحياء وتنظيم الوثنية واعلانها دينا وطنيا يكرّم " الاله الشمس " . في مقابل هذه السياسة المشجعة للوثنية ولليهودية  ، بحيث أصدر أمرا يعلن فيه  المساواة بين اليونانيين واليهود واعدا هؤلاء  بإعادة بناء هيكل سليمان ، أنتهج سياسة سلبية ومضادة باتجاه المسيحيين .فأصدر قرارا يمنع بموجبه التلامذة المسيحيين من تحصيل الثقافة اليونانية ، لاغيا بذلك حرية التعليم  ،بما فيه  تدريس مواد الصرف والبلاغة والفلسفة الى التلامذة المسيحيين . كتب " ضد الجليليين " أي المسيحيين . واعاد الاعتبار الى كل من لهم مصلحة بتحجيم المسيحية . أمر بأن يعاد بناء الهياكل الوثنية على نفقة الاساقفة .
خليفة قسطنطين مؤسس الدولة المسيحية كان الوحيد في عائلته ممن لم يعتنقوا المسيحية .  قادته ظروف المواجهة مع الفرس للمجيء الى فارس عبر سوريا ، المعبر شبه الدائم  للحروب الدولية ،  كما هو الحال اليوم .عند مروره في أنطاكيا اصطدم بالشعب المسيحي الذي نبذه . ثم تابع حملته العسكرية  الى قطيسفون عاصمة بلاد فارس حيث كان عليه ان يتواجه  مع ملكها شابور .عن أستاذه ليبانيوس ورد انه قتل في المعركة نتيجة للجروح التي أصابته  جراء طعنة سددها اليه احد الجنود المسيحيين ، ونسب اليه صرخته الشهيرة قبل مفارقته الحياة  وهو في الثلاثين من عمره :  " غلبتني ايها الناصري " .هل اعترف جوليانوس الجاحد بالايمان المسيحي في اللحظة الاخيرة من حياته ؟. وبالتالي هل يمكن القول أنه كان مؤمنا بحقيقة المسيحية وخصوصا بأخلاقيتها الجديدة ،القائمة على المحبة ؟ جوليانوس لم يكن مؤمنا بمن كانوا يمثلونها في السلطة ، أمثال عمه قسطنطين واولاده . لكنه " كان يتمتع بصفات القديس المسيحي بما فيها الطهارة " كما يقول فيه أحد المؤرخين المعاصرين كلود فوكيه  :
[ «  Sa pensee loin d'etre uniquement retrospective était fastement impregnee de christianisme , et que l'interpretation qu'il donnait de la pensee antique était proche de celles des peres de l'Eglise ,ses condisciples a Athene , tels que Gregoire de Naziance , Basile de Cesaree , et aussi de Jean Chrisostome, rencontre a Antioche .Curieusement il avait les qualites d'un saint chretien : Chastete comprise .C'est sur le modele de l'Eglise qu'il chercha a federer les cultes paiens , qui avaient toujours  été independant jusque –la «.] Claude Fouquet  « Julien, ou la mort du monde antique « , Edit. L'Harmattan 2009 (https://www.herodote.net/Julien_l_Apostat_331_363_-synthese-628.php)


أختم هذا البحث بالعودة الى الحاضر مع البابا فرنسيس لننظر الى واقع المسيحية الراهنة متسائلا معه : هل كانت المسيحية  في عصورها الاولى  اكثر عرضة للاضطهاد ، كما يظن ، بالمقارنة مع أيامنا الحضرة ؟
"في ايامنا الحاضرة امامنا مسيحيون مضطهدون أكثر من القرون الاولى " . عبارة ترددت مرارا على لسان قداسته ، كما قالها في 30 حزيران من السنة الماضية في مناسبة الاحتفال ب " ذكرى اول شهداء المسيحية في روما ، ممن  نالوا اكليل الشهادة في اول موجة من الاضطهاد على يد نيرون  سنة 64." واضاف : " صحيح أن عدد الشهداء المسيحيين في عهد نيرون كان كبيرا  ، ولكن عددهم اليوم لا يقل عن الماضي . .. لنفكر بمسيحيي الشرق الادنى الذين يضطرون الى  الهرب من أمام الاضطهادات ،  وبهؤلاء المسيحيين الذين يستشهدون على ايدي المضطهدين . لنفكر ايضا بأولئك المسيحيين المطاردين بطريقة هادئة وبقفازات بيضاء .هذا أيضا يسمى إضطهادا " .









.
















mercredi 7 décembre 2016

فرعون افتتح ملتقى السياحة الريفية: يساهم في نمو الاقتصاد المحلي ويحافظ على الثروات الطبيعية والثقافية والتاريخية والدينية





افتتح وزير السياحة ميشال فرعون قبل ظهر اليوم “الملتقى الوطني الثالث للسياحة الريفية في لبنان” حول “استراتجية السياحة الريفية المطورة”، في فندق لوريال ضبيه في حضور مديرة بعثة الوكالة الاميركية للتنمية الدولية في لبنان آن باترسون ومدير عام وزارة السياحة ندى السردوك وعدد من المهتمين بشؤون السياحة الريفية.
ونظم هذا الملتقى بيوند بيروت وبرنامج تنمية القطاعات الانتاجية في لبنان الممول من الوكالة الاميركية للتنمية الدولية، وقد جمع اكثر من 100 خبير واصحاب المصالح في قطاع السياحة الريفية.
وتحدثت باترسون التي شددت على اهمية “تشجيع السياحة الريفية كمفتاح اساسي لتطوير الاقتصاد الريفي الذي من شأنه ان يوفر فرص عمل لسكان الريف ويعزز قدرات المرأة والشباب ويثير الاهتمام في ثقافة وتاريخ المناطق الريفية ويعزز التعاون الجماعي”.
فرعون
ثم تحدث فرعون الذي قال: ” منذ انطلاقة السياحة الريفية منذ حوالي السنتين، نشعر اننا عملنا في هذا المشروع اكثر من هذا الوقت، نظرا للحركة الاستثنائية التي قام بها المجتمع المدني في لبنان”.

اضاف: “في صيف 2015 كان صوت السياحة الريفية طاغيا على صوت المشاكل السياسية، حيث نفذ اكثر من 120 نشاطا ريفيا واكثر من 70 مهرجانا الى جانب المهرجانات الاساسية. في العام 2016 رأينا اوركسترا حقيقية وتناغم في كل لبنان تمثلت اكثر من 250 نشاطا ريفيا واكثر من 132 حفلة غنائية التي تسلط الضوء على ثروة المنطقة ومعالمها وتاريخها. ولا شك ان مشروع السياحة الريفية يساهم في نمو الاقتصاد المحلي ويسمح في الحفاظ على الثروات الطبيعية والثقافية والتاريخية والدينية والغذائية والزراعية اضافة الى نمو حركة بيوت الضيافة من 63 بيتا في العام 2015 الى 90 بيتا خلال هذا العام ونسنة تشغيل 100 في المئة خلال الصيف مع وجود بعض السلبيات التي تمثلت بارتفاع اسعار المبيت في هذه البيوت من 25 دولارا لليلة الى اكثر من 100 دولار وهذا سعر مرتفع جدا”.
وتابع: “من المؤكد ان هناك حركة استثنائية على صعيد الحركة الريفية وقد اعطيناها الاهمية القصوى في وزارة السياحة،كما كانت موضع اهتمام من قبل رئيس الحكومة والوزراء خلال اطلاق هذه الاستراتيجية انطلاقا من السراي في العام 2015”.
وقال فرعون: “الى جانب مشروع السياحة الدينية هناك مشروع للسياحة الريفية التي نأمل ان نصل الى نتائج قريبا بوضع اكثر من 300 معلم ديني في دائرة الضوء وبعد سنتين يرتفع العدد الى اكثر من الف معلم ديني، والجردة تؤكد ان هناك اكثر من 2000 معلم ديني يجب زيارتها وهي ثروة كبيرة للبنان”.
ولفت الى “موضوع اخر نعمل عليه هو طريق الفينيقيين حيث عقدت مؤخرا جلستان في لندن بادارة منظمة السياحة العالمية ومشاركة الاتحاد الاوروبي ولبنان الذي ضم اكثر من 7 دول من اصل 15 دولة. والى جانب ذلك هناك مشروع السياحة الاغترابية، هذه المشاريع التي يمكن ان تنمو بمفردها، لكنها سلسلة متكاملة تدل على الطاقات والفرص الموجودة في لبنان وقد تحركت في ظل عدم وجود استقرار سياسي واستقرار امني بفضل الجيش اللبناني والقوى الامنية الاخرى وسمحت بحركة استثنائية هذا الصيف من قبل المجتمع المدني”.
وختم “ان السياحة الريفية وتطورها تحسن البيئة التي تتعرض لمجازر بيئية وهي مشروع مهم كثيرا للوزارة وبعض المسؤولين الذين لم يتمكنوا من مواكبة هذه الحركة الاستثنائية”.

samedi 22 octobre 2016

Citation du Liban dans le livre de l’Apocalypse de Jean :1 /12-19


Citation du nom de Liban dans le livre de l’Apocalypse de Jean :1 : 12-19

« Et, m’étant retourné, je vis sept chandeliers d’or, et au milieu des chandeliers quelqu’un de semblable à un fils d’homme, vêtu d’une robe talaire et ceint à hauteur de poitrine d’une ceinture d’or. Sa tête et ses cheveux étaient blancs comme de la laine blanche, comme la neige, et ses yeux comme une flamme de feu, et ses pieds semblables à du bronze purifié au Liban (« Chalkos-Libanos ») et sa voix était comme la voix des grandes eaux. Et il avait dans sa main droite sept étoiles, et de sa bouche sortait une épée acérée à double tranchant, et son visage était comme le soleil quand il brille dans sa puissance. Et lorsque je le vis, je tombai à ses pieds comme mort. Et il posa sur moi sa main droite, en disant : Sois sans crainte ; Moi Je suis le Premier et le Dernier, et le Vivant. J’ai été mort, et voici que je suis vivant pour les éternités d’éternités. Écris donc ce que tu as vu, ce qui est, et ce qui va arriver dans la suite. » 
(Apocalypse de Jean, 1 : 9-19

N.B.
 Un des traducteurs de la Bible (Jean Gosjean),traduit par :
 « Ses pieds sont pareils à du bronze-de-Liban. » 
Presque tous les traducteurs ont omis ce mot,Chalkos-Libanos, d’une importance clé indicative du retour du Christ à la fin des temps. …. Aussi tous les traducteurs dans toutes les langues du monde, copiant l’un de l’autre, omettent irresponsablement ce mot principal et écrivent : « Ses pieds étaient semblables à de l’airain ardent, comme s’il eût été embrasé dans une fournaise. » Ainsi le mot « Liban » a sauté de presque tous les textes connus. 


Mais Jean à la fin de son Apocalypse dit : « Je le déclare à quiconque entend les paroles de la prophétie de ce livre : Si quelqu’un retranche quelque chose des paroles du livre de cette prophétie, Dieu retranchera sa part de l’arbre de vie et de la ville sainte, décrits dans ce livre. » En corrigeant ce mot, nous aurions rendu à la fois au Liban ce qui est au Liban, et à Dieu ce qui est à Dieu » (Apocalypse 22 :18-19)

Aurons -nous la joie de retrouver dans les nouvelles traductions du livre Johannique le correspondant du mot  Liban omis du texte original ?

لبنان الجبل المقدس ، للاب ميشال حايك

لبنان الجبل المقدس في التراث الاسلامي

http://tawaseen.com/?p=1854

Le Liban dans la Bible :

http://www.levrier-editions.com/Le-Liban-Bible-et-Histoire.htm

Le Liban dans la Bible et l'exode
du Peuple Juif vers le Liban et le Pays de Canaan
Georges H Chakkour


« Le Liban ne suffit pas pour le feu, et ses animaux ne suffisent pas pour l’holocauste. »



Le Liban dans la Bible et l'exode
du Peuple Juif vers le Liban et le Pays de Canaan


Georges H Chakkour


« Le Liban ne suffit pas pour le feu, et ses animaux ne suffisent pas pour l’holocauste. »

« Dissocier le Liban d’Isarël, c’est bien mal comprendre le rêve de Moïse… »

Le Deutéronome : 3, 25.24.
Le Livre de Josué : 11, 17.
Le Livre des Rois I : 5, 13 ; 20 ; 28. 7, 2.
Le Livre des Rois II : 14, 9. 19, 23.
Le Livre des Chroniques II : 2,7.
Le Livre des Juges : 3, 3.
Les Psaumes : 29, 6. 72, 16. 92, 13. 104, 16.
Les Proverbes :
L’Ecclésiaste :
Le Cantique des Cantiques : 3, 9. 4, 8. 5, 15. 7, 5.
Isaïe (ou Ésaï) : Chp 10, 34. Chp 11, 1-10. Chp 14, 8. Chp 29, 17. Chp 33, 9. Chp 40, 16. Chp 60, 13.
Jérémie : 18, 14. 22, 6. 22, 20-23.
Ézechiel : 17, 3. 27, 5. 31, 15.
Daniel :
Osée : 14, 7.
Joël :
Nahum : 1, 4.
Habacuc : 2, 17.
Zacharie : 10, 10. 11, 1.
Le Livre de Judith :
L’Apocalypse de Jean : 1, 15



Le Liban dans l’histoire :      

Depuis 1920, son nom, qui signifie enarabe « Montagne Blanche », est devenu celui de tout le pays environnant, et le doit probablement autant aux rochers calcaires du plissement qu’aux neiges célèbres de ses crêtes. Ainsi lit-on dans Jérémie : « La neige du Liban abandonne-t-elle le rocher des champs, ou voit-on tarir les eaux qui viennent de loin, fraîches et courantes ? [ 1 ] » (Le Livre de Jérémie, 18, 14) En ce temp-là, le Liban se distinguait de la plaine de la Bekka et des villes du littoral méditerranéen qui constituent le Pays du Cèdre actuel, tout comme dans le Livre de Judith :

« À Nabuchodonosor s’étaient joint tous les habitants de la montagne et tous les riverains de l’Euphrate, du Tigre, de l’Hydaspe et les gens des plaines d’Aryok, roi des Élyméens, et de nombreuses nations s’étaient rassemblées pour combattre les fils de Chéléoud. Nabuchodonosor, roi des Assyriens, envoya des messagers à tous ceux qui habitaient la Perse et à tous ceux qui habitaient vers l’Occident, à ceux qui habitaient la Cilicie, Damas, le Liban et l’Anti-Liban, à tous ceux qui habitaient le littoral, à ceux des nations du Carmel et de Galaad. » (Le Livre de Judith, 1, 6-8) 

Ou dans le Livre des Juges, où « le Liban » est nettement distingué de « la ville de Sidon » et autres cités phéniciennes du littoral méditerranéen : 

« Voici les nations que Yahvé laissa subsister pour éprouver par elles Israël [...] : les cinq souverains des Philistins, tous les Cananéens, les Sidoniens et les Hittites qui habitaient la montagne du Liban depuis le mont-Baal Hermon jusqu’à l’entrée de Hamat. » (Le Livre des Juges, 3, 1-3)

Les Hittites (ou Héthéens, fils de Het, le second fils de Canaan, fils de Cham, père éponyme des « Chamites » et fils de Noé) formaient une société féodale, militaire et religieuse, où le roi était aussi juge et grand prêtre (sorte de Souverain-Divin ou Sultan-Calife). L’agriculture formait la base de l’économie, mais la richesse provenait de l’exploitation minière du terrain, tels que le cuivre, le plomb, l’argent et le fer. Déjà, depuis Moïse et Josué, le Liban semble intégré dans une idée géographique de Terre Promise idéale. Ainsi lit-on ce passage dans le Deutéronome (où Moïse exhorte son peuple au départ en lui rappelant les paroles du Seigneur à l’Horeb) :

« Tournez-vous et partez, allez à la montagne des Amoréens et dans tout le voisinage, dans la plaine, sur la montagne, dans la vallée, dans le midi, sur la côte de la mer, au pays des Cananéens et au Liban, jusqu’au grand fleuve, au fleuve d’Euphrate. » (Deutéronome, 1,7)

« L’Éternel chassera devant vous toutes ces nations, et vous vous rendrez maîtres de nations plus grandes et plus puissantes que vous. Votre frontière s’étendra du désert au Liban, et du fleuve de l’Euphrate jusqu’à la mer occidentale. » (Deutéronome, 11, 23-24)

De même trouve-t-on dans Josué que le Liban fait, géographiquement, partie du Royaume idéal promis à Israël :

« Maintenant, lève-toi, passe ce Jourdain, toi et tout ce peuple, pour entrer dans le pays que je donne aux enfants d’Israël. Tout lieu que foulera la plante de votre pied, je vous le donne comme je l’ai dit à Moïse. Vous aurez pour territoire depuis le désert et le Liban jusqu’au grand fleuve, le fleuve de l’Euphrate, tout le pays des Héthiens, et jusqu’à la grande mer vers le soleil couchant. » (Le Livre de Josué, 1, 2-4)

Dissocier le Liban d’Isarël, au sens biblique du terme, c’est bien mal comprendre le rêve de Moïse durant l’exode, et la valeur symbolique de ce nom, assez claire dans le Cantique des Cantiques. De toutes les régions, de tous les pays, les fleuves et les cités mentionnés par Moïse, c’est le Liban qu’il faudrait oublier le moins et qu’on oublie le plus. Même des historiens analystes du « best-seller mondial par excellence » comme André-Marie Gérard oublient, comme celui-ci l’a fait dans son précieux Dictionnaire de la Bible, ce point important, en parlant du « Pays des Cèdres ». Voici en effet ce qu’on entend dans le Deutéronome, par la bouche de Moïse, œuvre écrite du temps du roi David qui relate des événements vieux de trois siècles, autrement dit du temps de l’Exode et de la traversée du désert du peuple juit, conduit par Moïse, vers la Terre de Canaan :

« En ce temps-là, j’implorai la miséricorde de l’Éternel, en disant : Seigneur Éternel, Tu as commencé à montrer à Ton serviteur Ta grandeur et Ta main puissante ; car quel dieu y a-t-il, au Ciel et sur la Terre, qui puisse imiter Tes œuvres et Tes hauts faits ? Laisse-moi passer, je Te prie, laisse-moi voir ce bon pays de l’autre côté du Jourain, ces belles montagnes et le Liban. » (Deutéronome, 3, 23-25)

Mais c’est surtout Salomon qui donnera au Liban sa double réputation unique. À cause de ses cèdres d’abord, en tant que matériau de choix pour construire le Temple de Dieu (comme son père David l’avait fait d’abord pour la construction de son propre temple, dont un quartier est d’ailleurs appelé Maison de la Forêt du Liban). De même que sa valeur symbolique de perfection humaine et de splendeur divine. Il suffit de lire Le Cantique des Cantiques… Le Cantique des Cantiques, ce livre qui ne parle pas de Dieu et qui pourtant, ne parle que de Dieu. C’est le plus beau bouquet de poèmes d’amour profane, le Cantique divin par excellence, aussi est-il appelé Le Cantique des Cantiques (comme on dit Le Roi des rois, ou Le Dieu des dieux). C’est en se fondant sur son symbolisme ésotérique que les antiques chefs religieux yahvistes ont accepté ce texte athéiste dans leurs écrits sacrés, et que plus tard toutes les églises chrétiennes ont adopté ce texte comme une Écriture sainte.
 Son caractère purement amoureux, et souvent érotique, n’a pas empêché de trouver en lui le prophétisme par excellence, aussi compare-t-on le Bien-Aimé du Cantique de Salomon à l’Adam idéal (homme/femme autrement dit l’Âme à la recherche de sa Source comme le Fleuve creuse son lit vers la Mer Originelle), et la Bien-Aimée à l’Extase en Dieu. Le Liban y est cité quatre fois au cœur d’une longue tirade amoureuse, et chaque fois au centre d’une fresque comparative qui, oubliant le but de la comparaison, en poursuit un autre : le symbole qu’elle représente. Il n’y a pas de livre de l’Ancien, ni aucun texte du Nouveau Testament dont on ait proposé des interprétations plus divergentes.
 La plus récente étude sur le sujet cherche l’origine du Cantique des Cantiques « dans le culte d’Isthar et de Tammuz, » écrit un des Collaborateurs de La Bible de Jérusalem, et « dans les rites de mariage divin, de hiérogamie, qu’on suppose accomplis par le roi, le substitut du dieu ». Cette théorie cultuelle et mythologique, ajoute-t-il, ne peut être démontrée, et elle est invraisemblable. « On ne peut imaginer un croyant israélite qui démarquerait ces productions d’une religion de la fécondité simplement pour en tirer des chants d’amour. S’il y a des rencontres d’expression entre les hymnes à Ishtar ou à Tammuz et les poèmes du Cantique, c’est parce que les uns et les autres parlent le langage de l’amour ». 
Selon lui, l’interprétation allégorique est beaucoup plus ancienne. « Elle est devenue commune chez les Juifs à partir du IIe siècle de notre ère : l’amour de Dieu pour Israël et celui du peuple pour son Dieu sont représentés comme les rapports entre deux époux ; ce serait le même thème du mariage que les Prophètes ont développé depuis Osée. »
 Les auteurs chrétiens qui se sont penchés sur ce livre d’inspiration libanaise, surtout sous l’influence d’Origène et malgré l’opposition individuelle de Théodore de Mopsueste (dit également Théodore d’Antioche), ont suivi la même ligne que l’exégèse juive, mais l’allégorie est devenue chez eux celles des noces du Christ avec l’Église ou de l’union de l’Âme avec Dieu. Le Liban flotte dans le texte sous plusieurs formes, d’abord comparative et symbolique, puis mystique, enfin Christique. Le lit de justice de Salomon par exemple :

« Le roi Salomon s’est fait un palanquin en bois du Liban. » (Le Cantique des Cantiques, 3, 9)

C’est ainsi que le Bien-Aimé appelle sa fiancée à quitter son pays et à venir le rejoindre du Liban, tout en louant sa beauté et sa perfection :

« Tu es toute belle, mon amie, et il n’y a point en toi de défaut. Viens avec moi du Liban, ma fiancée, viens avec moi du Liban. » (Le Cantique des Cantiques, 4, 7-8)

« Tes lèvres distillent le miel, ma fiancée ; il y a sous ta langue du miel et du lait, et l’odeur de tes vêtements est comme l’odeur du Liban. » (Le Cantique des Cantiques, 4, 11)

« Tu es un jardin fermé, ma sœur, ma fiancée, une source fermée, une fontaine scellée. Tes jets forment un jardin, où sont des grenadiers, avec les fruits les plus excellents, […] Source des jardins, puits d’eaux vives, ruissellement du Liban. » (Le Cantique des Cantiques, 4, 12-15)


Voici comment la Bien-Aimée décrit son Bien-Aimé :

« Ses mains sont des anneaux d’or (d’autres disent des globes d’or), garnis de chrysolites ; son corps est de l’ivoire poli, couvert de saphirs ; ses jambes sont des colonnes de marbre blanc, posées sur des bases d’or pur. Son aspect est comme le Liban, distingué comme les cèdres (d’autres disent Son aspect est celui du Liban, sans rival comme les cèdres). » (Le Cantique des Cantiques, 5, 14-15)

Que le Bien-Aimé compare à son tour son amante :

« Ton cou est une tour d’ivoire, tes yeux sont comme les étangs de Hesbon, près de la porte de Bat-Rabbim, ton nez est comme la tour du Liban, qui regarde du côté de Damas. Ta tête est élevée comme le Carmel, et les cheveux de ta tête sont comme la pourpre ; un roi est enchaîné par tes boucles… » (Le Cantique des Cantiques, 7, 5-6)

Il est partout présent sous la plume des prophètes, de Daniel à Malachie, de Jérémie à Osée.

Le grand prophète Isaïe vers 740-687 av. J.-C., dit le fils d’Amos, (Écha’yaen arabe اشعیاء‎), transcrit sur parchemin ses prophéties et ses oracles concernant l’avènement du Messie au Liban, que l’Histoire Chrétienne a confondu, et confond toujours et encore, avec Jésus de Nazareth. Parmi ses nombreux oracles, il est fait plus d’une fois mention de la naissance du Liban et de son agrandissement en État merveilleux, et de l’avènement alors (comme si ces deux états étaient indissolublement liés) du « prophète du Pays des cèdres » qu’on appellera « l’Admirable », puis de « la chute du Liban » en punition de son ingratitude devant les enseignements et les prodiges du Fils du Ciel.

Ainsi lit-on : 

« Encore un peu de temps, et le Liban se changera en verger, et le verger sera considéré comme une forêt. En ce jour-là, les sourds entendront les paroles du livre ; et, délivrés de l’obscurité et des ténèbres, les aveugles verront. Les malheureux se réjouiront de plus en plus en l’Éternel, et les pauvres feront du Saint d’Israël le sujet de leur allégresse. Car le violent ne sera plus, le moqueur aura fini, et tous qui veillaient pour l’iniquité seront exterminés, ceux qui condamnaient les autres en justice, tendaient des pièges à celui qui deféndait sa cause à la porte, et violaient par la fraude les droits de l’innocent. (La Sainte Bible, Ancien et Nouveau Testament traduits sur les textes originaux hébreux et grecs par Louis Segond, Isaïe 29, 17-21)

« La gloire du Liban lui sera donnée, la magnificence du Carmel et de Sarron, ils verront la gloire de l’Éternel. » (Ibid., Isaïe 35, 2)

« Car un enfant nous est né, un fils nous est donné, et la domination reposera sur son épaule ; on l’appellera Admirable, Conseiller, Dieu puissant, Père éternel, Prince de la paix. » (La Sainte Bible, Ancien et Nouveau Testament traduits sur les textes originaux hébreux et grecs par Louis Segond, Isaïe 9,5)

« Et le Liban tombe sous le Puissant. Puis un rameau sortira du tronc d’Isaïe, et un rejeton naîtra de ses racines. L’Esprit de l’Éternel reposera sur lui : Esprit de Sagesse et d’intelligence, Esprit de conseil et de force, Esprit de connaissance et de crainte de l’Éternel. Il respirera la crainte de l’Éternel ; […] En ce jour, le rejeton d’Isaïe sera là comme une bannière pour les peuples ; les nations se tourneront vers lui, et la gloire sera sa demeure. » (Ibid., Isaïe Chp 10, 34 – Chp 11, 1-10)

 « Le Liban ne suffit pas pour le feu, et ses animaux ne suffisent pas pour l’holocauste. » (Ibid., Isaïe 40, 16)


En fait, l’Ancien Testament cite le Liban plus de fois que Jérusalem, Damas, Capharnaüm, Canaan, l’Égypte, l’Euphrate ou le Tigre réunis !


Osée, vers 780-740 av. J.-C., un des douze petits prophètes d’Israël, et dont le livre vient en tête du recueil des douzes devins dans la Bible hébraïque, va jusqu’à comparer la renommée d’Israël (qui marche à l’ombre de Yahvé) au vin des vignobles du Liban :

« Je serai comme la rosée pour Israël, il fleurira comme le lis, il enfoncera ses racines comme le peuplier, ses surgeons s’étendront, sa majesté sera comme celle de l’olivier et son odeur comme celle du Liban. Ils reviendront habiter à Mon ombre, ils feront revivre le froment, ils fleuriront comme la vigne, sa renommée [la renommée d’Israël] sera comme celle du vin du Liban. » (Le Livre d’Osée, 14, 6-8)

Nahum, fin VIIe siècle av. J.-C., considéré comme le septième des douze petits prophètes, en parle ainsi dans son psaume sur la colère divine :

« Yahvé ne laisse personne impuni. Dans l’ouragan et la tempête est Son chemin, la nue est la poussière de Ses pieds. Il menace la mer et la met à sec, et tous les fleuves, Il les tarit ; le Bachân et le Carmel s’étiolent, la verdure du Liban dépérit. » (Le Livre de Nahum, 1,4)

Zacharie, fin VIe siècle av. J.-C., un des petits prophètes du temps d’Aggée, dit du peuple élu en parlant du Liban… un Liban, hélas ! promis aux feux de l’enfer :

« Je les ramènerai du pays d’Égypte et d’assour Je les rassemblerai ; dans le pays de Galaad et au Liban Je les ferai entrer, et cela ne leur suffira pas. » (Zacharie, 10, 10) « Ouvre tes portes, Liban, et qu’un feu dévore tes cèdres.Hurle cyprès, car le cèdre est tombé, parce que les puissants ont été dévastés. Ceux qui s’élevaient sont détruits. Gémissez, chênes de Basan, car la forêt inaccessible est renversée. » (Zacharie, 11,1-3)

Et c’est peut-être Ézechiel, environ six siècles av. J.-C., le troisième des quatre grands prophètes, qui nous surprend le plus dans ses prophéties énigmatiques sur le Liban. En voici deux célèbres extraits assez saisissants :

« La parole de l’Éternel me fut adressée en ces termes : Fils de l’homme, propose une énigme, dis une parole à la maison d’Israël. Tu diras : Ainsi parle le Seigneur : Un grand aigle, aux longues ailes, aux ailes déployées, couvert de plumes de toutes couleurs, vint sur le Liban, et enleva la cime d’un cèdre. Il arracha le plus élevé de ses rameaux, l’emporta dans un pays de commerce, et le déposa dans une ville de marchands. Et il prit un rejeton du pays, et le plaça dans un sol fertile ; il le mit près d’une eau abondante, et le planta comme un saule. Ce rejeton poussa, et devint un cep de vigne étendu, mais de peu d’élévation ; ses rameaux étaient tournés vers l’aigle, et ses racines étaient sous lui ; il devint un cep de vigne, donna des jets, et produisit des branches. Il y avait un autre aigle, grand, aux longues ailes, au plumage épais... » (Ézechiel, 17, 1-10)

« Ainsi parle le Seigneur, l’Éternel : Le jour où il est descendu dans le séjour des morts, J’ai répandu le deuil, J’ai couvert l’abîme à cause de lui, et J’en ai retenu les fleuves ; les grandes eaux ont été arrêtées ; J’ai rendu le Liban triste à cause de lui, et tous les arbres des champs ont été desséchés. Par le bruit de sa chute J’ai fait trembler les nations, quand Je l’ai précipité dans le séjour des  morts, avec ceux qui descendent dans la fosse ; tous les arbres d’Éden ont été consolés dans les profondeurs de la terre, les plus beaux et les meilleurs du Liban, tous arrosés par les eaux. Eux aussi sont descendus avec lui au chéol vers les victimes du glaive, ainsi que ses auxiliaires qui habitaient à son ombre au milieu des nations. » (Ézechiel, 31 : 15-17)


Même l’Apocalypse de Jean n’échappe pas à cette loi du symbolisme libanais, et s’appuie sur le Liban pour peindre le Fils de l’Homme… qui doit venir à la fin des temps :

« Moi Jean, votre frère, [...] je me trouvai dans l’île appelée Patmos, à cause de la parole de Dieu et du témoignage de Jésus. Je fus ravi en Esprit le jour du Seigneur, et j’entendis derrière moi une voix forte, comme d’une trompette qui disait : Ce que tu regardes, écris-le dans un livre et envoie-le aux sept Églises [...] Et je me retournai pour regarder la voix qui parlait avec moi. Et, m’étant retourné, je vis sept chandeliers d’or, et au milieu des chandeliers quelqu’un de semblable à un fils d’homme, vêtu d’une robe talaire et ceint à hauteur de poitrine d’une ceinture d’or. Sa tête et ses cheveux étaient blancs comme de la laine blanche, comme la neige, et ses yeux comme une flamme de feu, et ses pieds semblables à du bronze purifié au Liban (« Chalkos-Libanos » dans le texte original grec [2 ] : un mot-clé important que presque tous les traducteurs omettent irresponsablement dans leur traduction), et sa voix était comme la voix des grandes eaux. Et il avait dans sa main droite sept étoiles, et de sa bouche sortait une épée acérée à double tranchant, et son visage était comme le soleil quand il brille dans sa puissance. Et lorsque je le vis, je tombai à ses pieds comme mort. Et il posa sur moi sa main droite, en disant : Sois sans crainte ; Moi Je suis le Premier et le Dernier, et le Vivant. J’ai été mort, et voici que je suis vivant pour les éternités d’éternités. Écris donc ce que tu as vu, ce qui est, et ce qui va arriver dans la suite. » (Apocalypse de Jean, 1 : 9-19)



Le Liban d’autrefois
et le Liban actuel :

La plus ancienne mention de Liban apparaît sur un texte de la Bible, vers l’an 1000 av. J.-C., sous la forme sémitique, que les Grecs traduisirent littéralement en « Libanos ». Dans des textes plus récents, d’époque arabo-musulmane, on trouve aussi « Djébal-Loubnâne » (Mont-Liban), que les Orientalistes de la fin du XIXe siècle finirent par raccourcir en « Liban » pour désigner la Montagne proprement dite (Djabal Sannîn en arabe), puis par la suite un des pays formés par le Mandat à la chute de l’Empire Ottoman et au partage, en petits États arabes, d’une partie de ses provinces. Souvent confondu avec la Syrie ou la Palestine, son nom ne fit son apparition que depuis la fin de la Deuxième Guerre mondiale… et plus précisément encore, à la Conférence de la Paix de Versailles.

[…]




1 D’autres disent « abandonne-t-elle les rocs du Siryôn » : « Les Sidoniens appellent l’Hermon Siryôn, les Amorrhéens l’appellent Senir ». (Deutéronome 3,9)


2 Jean Gosjean, un des traducteurs de la Bible, et un des rares traducteurs aussi à avoir respecté le texte originel grec du Nouveau Testament, dit : « Ses pieds sont pareils à du bronze-de-Liban. » Presque tous les traducteurs ont omis ce mot, Chalkos-Libanos, d’une importance clé indicative du retour du Christ à la fin des temps. Un métal inconnu pour eux, et qui ne l’était pas au temps des Hittites, les anciens habitants du Liban qui travaillaient le fer, le bronze et bien d’autres métaux encore, comme on le sait de la Bible. Aussi tous les traducteurs dans toutes les langues du monde, copiant l’un de l’autre, omettent irresponsablement ce mot principal et écrivent : « Ses pieds étaient semblables à de l’airin ardent, comme s’il eût été embrasé dans une fournaise. » (La Sainte Bible, traduite d’après les textes originaux hébreu et grec par Louis Segond) « His feet were like fine brass, as if refined in a fumace. » (The Holy Bible, The New King James Version) « His feet were like burnished bronze refined in a furnace. » (The Oxford Study Bible, Revised English Bible with the Apocrypha) Le mot « Liban » a sauté de presque tous les textes connus. Jean à la fin de son Apocalypse, n’a-t-il pas dit : « Je le déclare à quiconque entend les paroles de la prophétie de ce livre : Si quelqu’un retranche quelque chose des paroles du livre de cette prophétie, Dieu retranchera sa part de l’arbre de vie et de la ville sainte, décrits dans ce livre. » En corrigeant ce mot, nous aurions rendu à la fois au Liban ce qui est au Liban, et à Dieu ce qui est à Dieu.